جرائم فرنسا

متابعة مستجدات ملف التفجيرات النووية الفرنسية وتعويض شعب الصحراء

– فرنسا ترفض رفع "السرية العسكرية" عن تجاربها النووية رغم مرور 53 سنة

الأربعاء, 13 فبراير 2013

باريس تعمدت وضع شروط تعجيزية لحرمان الجزائريين من التعويض

رغم مرور أزيد من 50 سنة على أولى التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، لا تزال السلطات الفرنسية مصرة على رفضها رفع السرية العسكرية على الملف، ومواقع التجارب بالتحديد والآثار البيئية وحجم التلوث المسجل، ويعتقد الخبراء، بان باريس تتحفظ على تقديم هذه المعلومات حتى لا تظهر حقيقية الجرائم المرتكبة في حق جزائريين كان ذنبهم الوحيد التواجد بهذه المناطق. ويعتقد حقوقيون، بان السلطات الفرنسية تعمدت وضع شروط تعجيزية على ضحايا التجارب النووية الفرنسية، لحرمان الجزائريين من الحصول عليها.
عندما أعلنت السلطات الفرنسية قبل 3 سنوات، اعتماد قانون لتعويض ضحايا التجارب النووية والمعروف باسم “قانون موران” رأى الكثيرون بان هذه الخطوة من شانها رفع الغطاء عن إحدى اكبر الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في حق الجزائريين، إلا انه ومع مرور الوقت اتضح جليا بان القانون لم يكن سوى “ذرا للرماد في العيون”، خاصة مع الشروط التعجيزية التي وضعتها السلطات الفرنسية لمنع التعويضات عن الضحايا، فلم يتم تعويض الضحايا ولم تكشف فرنسا عن خريطة تجاربها النووية بدقة.
وترفض فرنسا رفع السرية العسكرية عن تجاربها النووية، رغم أن هذه الخطوة أساسية وضرورية لمعالجة التلوث الإشعاعي، وحصر آثار التجارب النووية بتحديد المواقع الخاصة بهذه التفجيرات وأثارها على المحيط، ودرجة التلوث وكيفية التعامل معه.
وقد قامت فرنسا بتاريخ 13 فيفري 1960 بتفجير قنبلتها الذرية الأولى في سماء رقان في الصحراء مما أحدث كارثة إيكولوجية و إنسانية لا زالت تحدث أمراضا ناجمة عن الإشعاعات و هذا رغم مرور 35 سنة. و لم يتم إلى اليوم الاعتراف بأي من الضحايا المدنيين لهذه التجارب على أنهم كذلك (ضحايا).   وأحصت تقارير رسمية فرنسية أزيد من 150 آلف شخص بين مدني وعسكري تعرضوا للإشعاعات خلال التفجيرات النووية التي جرت في الصحراء وفي بولينيزيا، خلال الفترة الممتدة بين 1960 و 1996.
وكشف رئيس جمعية قدامى التجارب النووية جان لوك سانس، بان اللجنة الخاصة المنصبة في إطار قانون مورين لتعويض ضحايا التجارب النووية، رفضت الاعتراف بصفة الضحية للجزائريين الذين كانوا ضحية هذه التجارب ما يحرمهم من الحصول على التعويضات المترتبة. بحيث رفضت اللجنة الخاصة المنصبة في إطار قانون مورين، ملفات أودعها جزائريون من ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الصحراء للحصول على التعويض، ورفضت اللجنة الاعتراف بصفة الضحية و التعويضات المترتبة عنها عقب دراستها الملفات.
وقال رئيس جمعية قدامى التجارب النووية، بان 32 ملفا لمدنيين جزائريين تم إيداعهم للحصول على التعويض، لكنها رفضت جميعها، وقالت اللجنة بان أسباب الرفض مرتبطة بكون الأمراض المصرح بها لا تندرج في إطار قانون مورين لسنة 2010، و انتقدت الجمعيات المدافعة عن حقوق الضحايا، مضمون بعض التدابير التي اقرها القانون، والمعايير المعتمدة لمنح التعويض والتي حرمت الكثيرين من الحصول على التعويضات، بالنظر إلى العدد القليل من الملفات التي حصلت على موافقة اللجنة المشكلة لدراستها. وهو ما أكده ممثل اللجنة المكلفة بالتعويض خلال الاجتماع، بحيث أوضح انه من أصل 782 ملفا استقبلتها اللجنة، 400 منها كانت محل دراسة، وتم رفض 391 ملفا وقبول تعويض 9 أشخاص.
و كان مرصد الأسلحة الذي يعد حركة فرنسية مناهضة للتسلح قد طالب في فيفري الفارط بكشف الحقيقة حول التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية و المحيط الهادي و إنصاف “كل” ضحايا هذه التجارب متسائلا عن جدوى تواصل الخطاب الرسمي الذي يدعي أنه لم تكن لها أية أضرار. كما ينتقد المرسوم التطبيقي للقانون الذي يعيد في نظره إدراج الخطاب حول عدم ضرر التجارب النووية الفرنسية.
وقدرت منظمات جزائرية، عدد ضحايا التجارب النووية الفرنسية في البلاد بأكثر من 30 ألف جزائري، داعية باريس لتقديم اعتذار ومنح تعويضات، واعتبرت أن تعداد الضحايا يبقى غير نهائي، لكون تأثيرات الإشعاعات متواصلة· ووفق الباحث الفرنسي المتخصص في التجارب النووية ‘’برينوباريلو’’ فقد استخدمت سلطات الاحتلال الفرنسي 42 ألف جزائري ك ‘’فئران تجارب’’ بتفجيراتها النووية.
ويعتقد رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، بان الشروط التعجيزية التي وضعها المشروع الفرنسي في إطار قانون “موران” كانت “مقصودة” لمنع حصول الضحايا الجزائريين على تعويضات، مشيرا إلى صعوبة إثبات الضرر بعد مرور أكثر من 50 سنة على وقوع التفجيرات، موضحا بان القانون اشترط “إثبات العلاقة بين التفجير النووي والأضرار الصحية التي لحقت بالمصابين وهي علاقة يصعب إثباتها بعد كل هذه المدة”. وشدد قسنطيني على ضرورة مراجعة هذه التدابير القانونية لتمكين الجزائريين من الحصول على التعويضات.
كما شدد قسنطيني، على ضرورة رفع “السر العسكري” عن التجارب النووية الفرنسية وقول الحقيقة كاملة، حتى يتمكن الجزائريون من حصر المناطق التي كانت مسرحا للتفجيرات النووية، وتحديد مستوى التلوث الإشعاعي، والعمل على إزالته إن كان ذالك ممكنا، مضيفا بأنه “لا يفهم سبب رفع فرنسا السرية عن تجاربها النووية”.
وكان الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، قد أبدى خلال الزيارة التي قام بها إلى الجزائر، استعداده لمراجعة التدابير القانونية لتمكين الجزائريين من الحصول على التعويض، إلا إن هذه الرغبة لم تترجم ميدانيا، وقال الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالجالية الجزائرية بالخارج بلقاسم ساحلي، في تصريح له شهر ديسمبر الماضي، أن زيارة الرئيس الفرنسي تمخض عنها تشكيل لجنة عمل لإعادة النظر في ملف ضحايا التجارب النووية و تعويضهم و التكفل بهم. و أضاف ساحلي في أن هناك آلية تعامل للتكفل بشكل جدي من جهة بالضحايا و ذوي الحقوق و كذا حول مسألة تطهير المناطق التي أصابتها التجارب النووية.
وقد تسببت التفجيرات النووية في رقان، بظهور أعراض لم تكن معروفة سابقا، ومن بينها أمراض القلب والعيون و ضغط الدم و التشوهات الخلقية لدى المولودين الجدد”. كما أن معظم الولادات كانت تتم بعد التفجيرات بالطريقة القيصرية على مستوى مستشفى رقان. الذي أحصى ما بين 1996 و2009 حوالي 85 حالة مؤكدة للإصابة بداء السرطان بمعدل 5 إلى 10 حالات في السنة معظمها فوق سن ال15 سنة، ويرجع المختصون ارتفاع معدلات الإصابة إلى زيادة عمليات التشخيص التي تتم على مستوى المستشفى.

أنيس نواري

أضف تعليق

Information

This entry was posted on 23 فيفري 2013 by in غير مصنف.

الابحار