جرائم فرنسا

متابعة مستجدات ملف التفجيرات النووية الفرنسية وتعويض شعب الصحراء

– لا تبيعوا الشمس والرياح لتشتروا بثمن النفط والغاز قمامات نووية

 قبل  ايام مضت طرح علينا سؤال حول افاق الطاقة النووية بالمملكة السعودية . وقد تفضل  الدكتور عبدالكاظم العبودي المشرف الاكاديمي لموقعنا ( صرخة الصحراء ) بالاجابة على التساؤل والتي فيما يبدو لنا تجاوزت لتقدم رؤية ثاقبة توجه المروجين لذاك المسلك النووي ، ان لم تحذر من مغاب الاخطار المتوقعة والمصاحبة للمشروع .. وفي  عنوان الاجابة او  المحاضرة : ( لا تبيعوا الشمس والرياح بثمن النفط والغاز وقمامات نووية ) ايماءة كافية لهواجس ومخاوف تكتنف النهج : اجاب العبودي قائلا : 
ا.د. عبد الكاظم العبودي
جامعة وهران
اندفع العرب في استهلاك محاصيلهم وثرواتهم النفطية بطريقة شرهة نمت عن سيطرة عقليات متخلفة على نواصي التطوير والتدوير للطاقات التي اكتشفها الغرب في بلادهم. وظلت سياساتهم عبر قرابة قرن من الزمن تدور في عقلية الناهب أو الوريث البليد الذي فتح عينية على الدنيا ليجد كنوز الدنيا بين يديه وفي فمه رضاعة من ذهب. نشأ أكثر من جيل عربي في دوائر إنتاج الطاقة البترولية وتصديره ولم يفقه من معطياتها سوى أرقام ملايين البراميل النفطية وما يقابلها من بلايين الدولارات الذاهبة إلى رصيد الأمراء والسلاطين وحسابات الحكام واللصوص والوسطاء بينهم.
إدارة تسيير المال العربي عكست مدى تخلف العرب في تسيير واقعهم  في تقدير وحاجاتهم  وإدراكهم  لحركة الزمن والمستقبل. ظن البعض منهم إن ورثوا بشكل الصدفة والمصادفة أو بعقلية الإيمان بالرزق الذي حباهم الله  بهذه  الآبار العائمة بالنفط والحقول المتدفقة بالغاز. عاش العرب يومهم وفق منظور الشاعر امرؤ القيس وفلسفته البوهيمية في الحياة، قال يومها ” اليوم خمر وغدا أمر” دون إدراك لما سيأتي به الزمن والأيام القادمة. لم يطرح الكثيرون موقفهم من الحياة وما يتقول ويفكر به العالم حول التنمية المستدامة سواء لما مضى من عقود أو على أبواب القرن الواحد والعشرين.
إن أكثر الأسئلة المؤرقة على عقول قادة وسادة العالم هو الموقف من البدائل المتوفرة للطاقة النووية؟ وهل يمكن للطاقة في المستقبل أن تعتمد فقط على المصادر المتجددة وما يتوفر من الاحتياطيات البترولية والغازية المستنزفة كل يوم. وكيف تكون الفعالية البشرية والتفكير الإنساني لإيجاد الحلول.
وإذا كان العرب يعيشون في غفلة الانبهار والأحلام بتصاعد وتضاعف أرقام حسابات حكامهم في البنوك الغربية على حساب الاستنزاف اليومي لثرواتهم الباطنية فان الغرب بالمقابل قد سعى وأتم بناء نهضته العلمية وانجاز قاعدته التكنولوجية الهائلة، وهو يحسب بدقة كل لحظة تمر ويراقب كل جول وكل واط من العمل والطاقة التي يصرفها خلال تسيير نواحي الحياة التي يعيشها مواطنوه في الرفاهية والتقدم والكرامة الإنسانية.
ظل حال العرب على حالهم فامتدت الصحاري لتحاصر المدن والحواضر وتضاف الهجرات البشرية إلى المدن المستقبلة للبطالين والأميين وحتى المتخلفين. وجد البعض في سياسة تصدير النفط مقابل الغذاء والدواء والكساء وحتى الماء سياسة دائمة لتسكين الجبهات الاجتماعية المطالبة بحق الحياة والعمل والدراسة والإنتاج الزراعي والصناعي. ولكن الصيحات ذهبت في صدى الوديان الخالية والأراضي الزراعية العطشى والصحارى القاحلة.
نحن على أعتاب موجة تخلف عاتية تعيدنا إلى عصر ما قبل الاستعمار في نهاية القرن الثامن عشر وعقود القرن التاسع عشر والعشرين أما الغرب فهو يقف على أعتاب ثورة صناعية ثالثة معالمها مجسدة في الثورة العلمية التكنولوجية بما تحمله من سمات الاتمتة والاتصالات وتقليل اليد العاملة والاقتصاد في النفقات والحفاظ على الطاقات وبدائلها وأخيرا الحد من مستويات التلوث والولوج إلى عصر ” الاقتصاد الأخضر” ، وهو الموضوع الذي كان الأكثر إثارة في مناقشات الجادة في مؤتمر ريو الأخير في جوان 2012.
يعيش بعض العرب الماضي بحريمهم وغنائم نفطهم وارتفاع شواهق عماراتهم ومدن الاسمنت المسلح ومحمياتهم وأسواقهم التجارية لتأمين حقوق البطون والكروش وملاهي العقول الفارغة حتى علا شخيرهم على هدوء قاعات اجتماعات الأمم التي تفكر على مدى ربع قرن بموضوعات ” التنمية المستدامة” وهو الموضوع الأساسي الذي يتقاسمه عالمي السياسة والاقتصاد والمجتمع المدني على مستوى كل بلد وامة ومجموعة اقليمية واتحاد لمجموعات الدول.
أين نحن من كل تلك الثلاثية والعبقرية المفكرة بالتنمية المستدامة وخصوصا ان الذين تجاهلوا حقوق الأجيال العربية التي عاشت وتعيش معهم سوف لا يفكروا بمصير الأجيال القادمة إلا من خلال كشف الرصيد المالي الشخصي لهذا الأمير وذاك الحاكم. منذ عقدين عقد مؤتمر قمة الأرض 1992 في ريودو جانيرو ورفع الشعار على المستوى الدولي من اجل النهوض لتحقيق التنمية المستدامة، أما نحن فقد زاد فقرائنا فقرا وأصبح أغنيائنا وسلاطيننا أكثر تخمة واحتياطياتنا من الطاقات والوقود الاحفوري في أراضينا أكثر استنزافاً والاقتصاد في مواردنا الحيوية الشحيحة أكثر عبثا وإنفاقا وبروح جاهلية متخلفة.
ظننا أن عقدين من الزمن بعد اطلاع حكامنا على مفردات مؤتمر ريودو جانيرو 1992 كافية لنفهم موقع وجودنا من بين الأمم في تنميتها المستدامة، أصبح اغلبنا لا يحصل على الكهرباء بانتظام؛ إن لم تكن الكهرباء معدومة عند بلدان عربية عديدة كالصومال والعراق والقرى النائية في السودان وأرتيريا وشمال وجنوب اليمن وجيبوتي وأقاصي المناطق الجبلية والصحراوية في بلدان المغرب العربي ومصر. أما الماء النظيف والصالح للشرب فقد بات حلما ومشهداً اشهارياً  نتفرج عليه في القنوات التلفزية العربية والأجنبية.
لقد سعى العالم المتقدم إلى توفير المال والعدالة والقوانين المحلية والدولية لحماية المناخ والبيئة والبحار والأنهار ووضع دفتر شروط لكل الدول الساعية للولوج إلى القرن الواحد والعشرين.
 إن جيلا عربيا جديدا على تماس وتواصل مع الحاسوب والانترنيت والعالم قرأ شيئا عن مؤتمرات التنمية المستدامة وقراراتها ولكنه خاب أمله في لجة البطالة والفقر وحتى الأمية في بلداننا العربية، فلفته موجات النكوص والخيبة والتراجع واعتبر التنمية المطلوبة مجرد كوابيس مرتدة من أضغاث الأحلام أو الدعاية المستهلكة. وإذا كانت شعارات مظاهرات الربيع العربي ذات الطابع الشباني الأكثر حضورا تطالب بالديمقراطية وحقوق الإنسان ومنع الاعتقال الكيفي والتعذيب وحقوق العمل والتوظيف فإنها رغم إدراكها بحقوق المستقبل والتنمية لبلداننا تركت تلك المطالب جانبيا، في الوقت الذي يتحرك الشارع الغربي ويموج بمطالب نوعية أُخرى أبرزها قضيتي البيئة وتوفير الطاقات النظيفة والاقتصاد في الموارد وتوسيع قضايا الخدمات التي تهددها الأزمة المالية المستفحلة في الغرب. وقضية البيئة التي وضعت شعارا مركزيا لها تعني ” الاقتصاد الأخضر” ، وإستراتيجية “الاقتصاد الأخضر” التي وضعها رئيس جنوب إفريقيا ياكوب تسوما ليست مجرد أمنية عندما يعالج العلاقة بين العامل البيئي وأولويته على العامل الاقتصادي؛ لان الأولوية ستحدد شكل المستقبل وأمانه وأمنه وتدارك الأخطار المترتبة الناجمة عن قضايا الطاقة وبدائلها.
لقد اختفى خيار الطاقة النووية من اهتمامات الرأي العام  الأوربي والغربي عقب كارثة تشرنوبيل في العام 1986، والغريب أن يعود مرة أخرى وبقوة في دهاليز الحكومات العربية وبتسويق مركز من قبل بعض الشركات النووية الغربية والآسيوية يتصدر جداول أعمال المفاوضات في الوقت الذي تعلن فيه ألمانيا واليابان قراراتها بوقف إنتاج الكهرباء بواسطة المفاعلات النووية بعد حادثة فوكوشيما.
والأغرب أن نسمع عن كثير من الحكومات العربية بازدواجية الخطاب، ففي الوقت الذي يدعون فيه العرب إلى بناء المحطات الكهرونووية  وأهمية الطاقة النووية، باعتبارها طاقة بديلة قابلة للاستمرار، تعويضا عن الوقود الاحفوري، خصوصاً في مجال توليد الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحار، في حين تتصاعد حملات حماة البيئة ودعاة الاقتصاد الأخضر بالدعوة إلى الاستثمار في مجال إنتاج الطاقات النظيفة الأخرى مع استبعاد الخيار النووي لمخاطره على البيئة.
والغريب أيضا  أن هناك من يسوق لمقولة أن الطاقة الكهربائية المولدة عن طريق الانشطار النووي في المفاعلات النووية  ستكون رخيصة،  وهذا الترويج  الإعلامي يطرح  خلافا للحقائق الاقتصادية المعروفة عن تكاليف  بناء المفاعلات النووية والعمليات المكلفة جداً في الحصول على الوقود النووي من جهة وتكاليف عمليات التخلص من النفايات المشعة والمعدات التي تطرحها المفاعلات بعد استنفاذ انشطار اليورانيوم.
والغرابة الثالثة في عدم مصداقية ما يروج من مزاعم من أن  الطاقة النووية هي طاقة نظيفة، وهذا خلاف الواقع، لأن النفايات النووية تبقى سامة لآلاف السنين وليس من السهولة التخلص منها في بعض البلدان إلا بعد إجراء معالجات كيميائية وتقنية وضمان وجود دول وأماكن في دول تستقبل تلك النفايات مقابل دفع أموال أو تعاون بصيغة ما.
ومن تقرير نشرته مجلة «اكريكوتيف» اللبنانية، جاء أن الصفقة النووية بين الإمارات العربية المتحدة وأمريكا سيبلغ حجمها حوالي 24 مليار دولار، لأن أمريكا ستزود الإمارات بالوقود النووي، وتساعدها في عملية تطوير بناها التحتية. وليس من المتوقع بدء هذا المفاعل بالعمل قبل العام 2020.
  وتشير الإحصائيات الرسمية في الإمارات إلى أن الطلب على الكهرباء يتوقع أن يرتفع من 15.5ميغاواط حالياً إلى 40 ميغاواط في العام 2020. أما بالنسبة إلى الأردن  الذي ينوي توليد 30% من حاجاته للطاقة الكهربائية، بواسطة إنتاجها من خلال المفاعلات النووية، قبل حلول العام 2030،  رغم كلفة تنفيذ هذا المشروع ومعارضة إسرائيل له  ومحدودية الإمكانيات الاقتصادية للأردن إلا انه  يطمح إلى ذلك  لأنه يمتلك عنصراً مهماً يتفوق من خلاله على معظم الدول الأخرى، يتجلى في إنتاجه حوالي 140 ألف طن من اليورانيوم، الأمر الذي يدر على خزينة الدولة حوالي 1.5 مليار دولار سنوياً. هذا بالإضافة إلى أن جزءاً من الموارد الضخمة من الفوسفات، يمكن استخدامها للحصول على اليورانيوم.
تجدر الإشارة إلى انه في ما يتعلق بتكاليف مفاعل قادر على إنتاج 100 ميغاواط (أي ما يكفي من الطاقة لتغذية 250 ألف منزل، هناك حاجة لتوظيف حوالي 400 شخص، وحتى إذا ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد من اليورانيوم من 100 دولار، حتى 1000 دولار، فان سعر الكيلوواط الواحد من الكهرباء لن يرتفع إلا بنسبة ضئيلة جداً، لأن كميات قليلة من اليورانيوم تستخدم لانتهاج الكهرباء. وهذا يعني أن كلفة الطاقة الكهربائية بالنسبة إلى المستهلك لا ترتبط إلا بالكلفة المرتفعة لبناء المفاعل النووي.
إلى ذلك، تقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن  438  مفاعلاً نووياً كانت تعمل عند نهاية العام 2008، في العام كله.
وكانت هذه المفاعلات توفر 15% من الطلب الكوني للطاقة، وفرنسا والولايات المتحدة هما الدولتان الرائدتان في هذا المجال. ويصل معدل العمر التشغيلي للمفاعل النووي إلى حوالي 40 سنة، ويمكن اليوم تمديد هذا المعدل إلى 60 سنة.
وهناك 75  % من المفاعلات النووية في العالم اليوم، تفوق أعمارها العشرين سنة، وفرنسا التي تمتلك 59 مفاعلاً نووياً، تنتج حوالي 70% من الطاقة الكهربائية المستهلك هناك. أما المفاعلات النووية المئة، التي تمتلكها الولايات المتحدة، فتولّد 20% فقط من الكهرباء المستهلك سنوياً هناك.
وخلال النصف الأول من العام 2007، ارتفع سعر اليورانيوم إلى مستوى قياسي، وصل إلى 120 دولاراً للرطل الواحد، الأمر الذي أحدث طفرة قوية في أعمال التنقيب والتعدين الخاصة اليورانيوم. لكن هذا السعر تراجع أخيرا ووصل إلى 45 دولاراً للرطل الواحد (نصف كيلوغرام تقريباً). وبقي الإنتاج السنوي الكوني ثابتاً خلال السنين الأخيرة، في حدود 40 ألف طن، فيما الطلب الكوني عليه يصل إلى حوالي 67 ألف طن. وتتم تغطية الفرق بين العرض والطلب، من اليورانيوم الموجود في المستودعات العسكرية، ومن عمليات إعادة تكرير الوقود النووية، التي يصل وزنها سنوياً إلى حوالي 10 آلاف طن.
أما أهم الدول المنتجة لليورانيوم فهي استراليا وكازاخستان وروسيا وجنوب إفريقيا وكندا والولايات المتحدة والبرازيل وناميبيا والنيجر واوكرانيا والاردن واوزباكستان والهند والصين ومنغوليا.
ومن خلال إلقاء نظرة سريعة على المعلومات النووية الخاصة بالدول العربية نجد ما يلي:
المغرب: وقّع اتفاقية تعاون نووية مع فرنسا، وينوي تشغيل أول مفاعل نووي في العام 2020. كما أن احتياط المغرب من اليورانيوم يصل إلى 6 ملايين طن.
الجزائر: تريد تشغيل أول مفاعل نووي في العام 2020، يتبعه مفاعل آخر، كل خمس سنوات. وقد وقعت اتفاقيات للبحث النووي مع فرنسا والصين والأرجنتين والولايات المتحدة.
ليبيا: وافقت على وقف برنامجها النووي في العام  2003 وفككته بمحض إرادة معمر القذافي لكي يتفادى الصدام مع الغرب والولايات المتحدة . وبعد ذلك وقع  اتفاقيات للتعاون النووي مع روسيا وكندا.
تونس:  وقعت اتفاقية للتعاون النووي مع فرنسا وتنوي إنشاء مفاعل نووي بقوة 600 ميغاواط في العام 2023.
مصر: وقعت اتفاقيات للبحث والتعاون النووي مع روسيا والصين وكازاخستان وكوريا الجنوبية. وتخطط لتشغيل أول مفاعل نووي في العام 2020.
الأردن : يمتلك حوالي 180 ألف طن من اليورانيوم، ويخطط لتشغيل أول مفاعل نووي في العام 2020، لتوليد 30% من حاجته للطاقة الكهربائية. ووقع عقداً للتنقيب عن اليورانيوم مع شركة «آريتا» الفرنسية.
لبنان: لم يعرب بعد عن رغبته في تطوير الخيار النووي.
سوريا: تمتلك عدداً من منشآت البحث النووي في دمشق. وقد وقعت اتفاقية للتعاون النووي مع روسيا في العام 2003.
المملكة العربية السعودية: وقعت اتفاقية للتعاون مع الولايات المتحدة في العام 2008.
وتخطط لتطوير الخيار النووي لإنتاج الكهرباء، ولتحلية المياه.
اليمن: انشأ اللجنة الوطنية للطاقة الذرية في العام 1999، ووقع صفقة مع الولايات المتحدة بقيمة 15 مليار دولار لبناء خمسة مفاعلات نووية على مدى عشر سنين، لكن هذه الصفقة ألغيت فيما بعد بسبب اتهامات بالفساد.
الإمارات العربية المتحدة: وقعت اتفاقيات للتعاون النووي مع الولايات المتحدة، ولا تزال تنتظر إقرار الاتفاقية في الكونغرس الأميركي.
البحرين: وقعت على مذكرة تفاهم للتعاون النووي مع الولايات المتحدة في العام 2008.
قطر: وقعت اتفاقية نووية مع شركة كهرباء فرنسا، وليس لديها خطة ملموسة لبناء مفاعل نووي.
عُمان: وقعت على اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي الخاصة بالتكنولوجيا النووية.
الكويت: لها طموحات نووية منذ السبعينيات من القرن الماضي، وتقوم شركة فرنسية اليوم بدراسة لإنشاء مفاعل نووية في الكويت.
العراق:  كانت له طموحات نووية منذ العام 1956. وكان بدأ ببناء مفاعل نووي في العام 1976  بمساعدة فرنسية لكن إسرائيل دمرته في العام 1981.
أما الحوادث النووية التي حصلت بعد الحرب العالمية الثانية فلا يزيد عددها عن اثنين، كان أولهما في العام 1979 في مفاعل جزيرة «ثري مايل» ثم العام 1986 في كارثة مفاعل تشرنوبيل.
وقد أسفر حادث مفاعل «جزيرة ثري مايل» في بنسلفانيا عن حصول صدمة في الصناعة النووية الأميركية. ونجم عن الحادث تكوين طبقة من الغازات المنشقة فوق مناطق الشواطئ الشرقية الأميركية المكتظة بالسكان. وجاءت كارثة تشرنوبيل بعد ذلك بسبع سنين وتوقف أحد المفاعلات في أوكرانيا السوفياتية آنذاك؛ الأمر الذي أسفر عن تكوّن غيمة كانت الأسوأ في التاريخ، دفعت بالحكومات الأوروبية إلى تجميد مخططاتها لبناء المزيد من المفاعلات النووية. وليس معروفاً بعد العدد الصحيح للقتلى بسبب هذه الكارثة، غير أن معلومات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تتحدث عن مصرع 56 شخصاً، مباشرة في موقع الحادث، وعن موت حوالي 4 آلاف آخرين من أصل 600 ألف شخص تعرضوا لإصابات السرطان..
أعادت الكارثة الإشعاعية في اليابان من جديد طرح موضوع الطاقة النووية وجدواها وأخطارها البيئية بقوة على مستوى اليابان والعالم. فالصين وألمانيا والسويد علقت التراخيص لبناء مفاعلات جديدة. وفي الإمارات العربية أعطت الهيئة الناظمة للطاقة النووية نفسها فترة سنة للبت في الترخيص لمحطة الكهرباء النووية التي تم التعاقد حولها مع شركة كورية لبنائها. وعقد الاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً لإعادة النظر في آلية التراخيص، بعد أن شهدت السنوات الأخيرة توجّهاً نحو التوسع في بناء المفاعلات النووية لإنتاج الكهرباء. وقد تم تسويق الحملة التي أدارتها الشركات التكنولوجية العملاقة ودولها ووسائط إعلامها على أنها تأتي استجابة لتحديات تغير المناخ والسعي إلى إنتاج ما سُمي بالطاقات البديلة أو النظيفة… الخ ، تلك الطاقات التي لا يصدر عنها انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وتكون سبباً في ظاهرة الاحتباس الحراري.
 لكن لتغير المناخ قد ترك هو الآخر آثاراً كارثية على البيئة أيضاً وعلى عمل المحطات النووية، إذ أدت موجات الحر في أوروبا سنة 2003 إلى إغلاق نصف المحطات النووية في فرنسا.
اللافت للنظر أن دولاً عربية عديدة دخلت في السباق النووي مدفوعة بحمى لها من الغرائب والعجائب وطرح المبررات ما يجعل التشكيك بأهداف أصحابها  قائما ودافعا إلى التحري والتمعن في دوافعهم؛ لأن البدائل الطاقوية الأخرى لإنتاج طاقة كهربائية مثل استغلال الطاقة الشمسية وطاقات حركية الرياح والمياه متوفرة، وتتبناها دول صناعية متقدمة  أخرى، دول قادرة على بناء مفاعلاتها النووية بنفسها من دون تعاقد أو تبعية تكنولوجية للآخرين.
 كما أن الاعتمادات المالية التي وضعتها بعض الدول العربية  لإنشاء محطات نووية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، ستذهب لا محالة في جيوب حفنة من الشركات والسماسرة والسياسيين والإعلاميين المكلفين بحملة الترغيب بتبني مشاريع بناء المفاعلات النووية في بلدان عربية توقفت فيها التنمية الحقيقية منذ سنوات طويلة وهي تعتاش من ريوع تصدير البترول والغاز فقط .
وإذا كانت الدول النفطية الخليجية مُجبرة في تسطير وتخطيط بعض سياساتها التجارية ودفع الإتاوات المالية للولايات المتحدة مقابل حمايتها العسكرية وتأمين حفظ بقاء سلاطينها وأُمرائها وشيوخها؛ فان المبالغ الضخمة المعتمدة لشراء صفقات السلاح الغربي هي شكل من أشكال الدفوعات المالية لتلك الدول ويتوجب دفعها نحو البنوك والشركات في الولايات المتحدة الأمريكية لديمومة بقاء تلك المصانع العسكرية وضخ الخزينة الأمريكية بأموال بيع النفط والغاز من الدول العربية.
 وعندما اتخمت مخازن السلاح لدويلات الخليج العربي والسعودية جاءت الوصفة الجديدة للدفع عن طريق ما يسمى التعاقد حول بناء المفاعلات النووية لهذه الدول مثل السعودية وقطر والكويت والإمارات العربية. والمفارقة أننا لا نكاد أن نسمع عن أي احتجاج أو رفض أو قلق إسرائيلي من قضية تمكين تلك الدول من الحصول على التقانات النووية وإنتاج الطاقة.
وإذا كان هذا حال الدول المتخمة بالنفط والغاز والحائزة على مدخولات مالية ضخمة من مداخليهما مفهوما، ولكنه من غير المفهوم  انخراط دول عربية أخرى فقيرة نسبيا ومنها تعيش على المساعدات الدولية في مثل هذه المشاريع النووية كمصر والأردن والسودان والمغرب.
        إن الادعاء بحق هذه  الدول في استخدام وامتلاك تكنولوجيات الطاقة النووية وفي إنتاج الكهرباء يبدو منطقيا للوهلة الأولى ولكنه في ذات الوقت غير مفهوم تماما وبشكل جلي؛ خصوصاً أن البدائل الطاقوية الأخرى من طاقات الشمس والرياح التي يمكن الاستثمار بها بعيدا عن المتاهات والصفقات النووية سيكون منطقيا، ويحثنا أيضاً على التشجيع في ولوجه، نظرا لتوفر كثير من الضمانات لتحقيقه وفي سلامة اختياراته المستقبلية التي تأتي مجتمعة  لتلبي بشكل مضمون ظروفنا البيئية وستكون اقل كلفة لحاجة شعوبنا إلى التنمية والأموال المرصودة للاستثمار فيها.
       قبل كارثة اليابان، طرحت أسئلة كثيرة حول أولوية الاستثمارات في الأموال العربية لضمان احتياجات المستقبل في الطاقة النووية وغيرها  في دول تمتلك  الأموال الكافية  وما يتواجد فيها من الطاقة المخزونة في أكبر احتياطي نفطي وغازي في العالم. وإذا كانت الشمس تغطي سمائنا كل يوم، وعلى مدى الفصول الأربعة نتساءل: لماذا  نذهب إلى الخيار النووي الأصعب واللجوء إلى بناء المفاعلات النووية التي ستكون عرضة للابتزاز الاقتصادي والسياسي وحتى الترهيب الأمني بضربها أو قصفها وتهديد سلامتنا، إضافة إلى ربط إنتاج تلك الطاقة النووية بحالة من التبعية والقبول بشروط مُلزمة في الحصول على اليورانيوم أو تصنيعه أو تخصيبه، كما تتطلب من بعض الدول العربية  إعداد الفيزيائيين والمهندسين والفنيين لتشغيل المحطات النووية وإدامتها وصيانتها ومواجهة كل الأخطار المحتملة عند حدوث أية كارثة فيها.
وطالما أن تخصيب اليورانيوم محلياً سيكون ممنوعاً علينا، وستبيعه لنا الدول صاحبة التكنولوجيات والامتيازات النووية، مشترطة علينا عمليات التفتيش والمراقبة الدورية المستمرة والمسائلة حول مصير حتى النفايات النووية التي تطرحها المفاعلات النووية، وما يتواجد فيها من البلوتونيوم الذي يثير في كمياته حتى ولو كانت بالملي غرامات الريبة والشكوك حول أهداف غير معلنة في امتلاك المفاعلات النووية.
        ومع أن بعض الدول العربية قد بدأت تستثمر جدياً في تطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، إلا أن دولاً أخرى ستغامر بعد ان حاولت التركيز على الجانب النووي، كما هو حال العراق وليبيا وإيران ومصر والقائمة مفتوحة.
والمفارقة هنا: أنه في حين يصرح بعض المفاوضين العرب في مؤتمرات تغير المناخ أن الطاقة المتجددة تهدد استخدام النفط، لم نسمع منها تحفظاً مماثلاً على منافسة الطاقة النووية، فيما الشمس متوافرة محلياً، كما هي الرياح أيضاً، بينما اليورانيوم مستورد. حتى أن الأردن، الذي يمتلك ثروة طبيعية من اليورانيوم، يُمنع عليه تخصيبه محلياً، ويُطلب منه الالتزام باستيراده جاهزاً من الخارج، وهو ما أخّر البرنامج  الأردني كما تدعي بذلك السلطات الأردنية بهذه الحجة أو تلك وكأن عين إسرائيل قد أغمضت العين وغضت الطرف من طموحات أي عربي للحصول على التقانات النووية مهما كانت بسيطة، فكيف والأردن جارها.
وإذا كانت  نتائج الكارثة التي حصلت في اليابان ماثلة أمامنا، وهي من أكثر الدول استعداداً لها، فكيف سيكون حالنا ونحن العاجزين من محاولة إطفاء حريق عادي في مركز تجاري أو مركز للتسوق، كما حدث منذ أشهر في العاصمة القطرية الدوحة التي أكلت النار طوابقه وشوهت الحرائق أجساد أطفال دار الحضانة ومربياتهم فيه  أمام فرجة رجال الإطفاء والحرس الوطني .
   من هنا  نطرح قضايا الحيطة والحذر في تخطيط مشاريع هذه الدول قبل اللعب بواسطة الأموال في الساحة النووية مندفعة تحت الضغط السياسي والإشهاري وتلبية للمصالح التجارية مع الشركات الغربية وحماتها، وتلبية للضغط الغربي لنقل الأموال العربية من صناعة غربية إلى صناعة أخرى.
 إن ارتفاع تكاليف الصيانة في المنشئات النووية الغربية يدفع تلك الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وكوريا وغيرها لإيجاد موارد مالية كافية للحفاظ عل تلك المنشئات وصيانتها وتطوير أسلحتها، مقابل تصدير مفاعلات نووية بصيغة انتقائية لبلداننا العربية. وهذه الدول العربية جميعها لم تثبت قدرتها على مواجهة أحداث طبيعية اعتيادية، فكيف لو تعرضت للقصف المعادي أو الزلازل او الأخطاء التقنية النووية وغيرها.
كشف التلفزيون الياباني النقاب عن استعداد الحكومة اليابانية للتخلي عن استخدام الطاقة النووية وإغلاقِ جميع المحطات في البلاد حسب إستراتيجية الطاقة الجديدة، التي أقرت في أحدث اجتماع للحكومة. كانت اليابان قد تعرضت في مارس 2011، إلى كارثة بيئية بعد أن ضرب زلزال وموجات تسونامي سواحل البلاد، تضررت جراءها بشدة محطة توليد الطاقة في فوكوشيما. ألقت هذه الحادثة بظلالها على مستقبل الطاقة النووية في اليابان وفي بعض بلدان العالم. طرحت الحكومة اليابانية ثلاثة سيناريوهات محتملة لإنتاج الطاقة، وحظي السيناريو القاضي بالتخلي نهائيا عن الطاقة النووية بحلول عام 2030، بتأييد 70% من المواطنين المشاركين في التصويت. يشار إلى أن الطاقة النووية كانت تؤمن نحو 30% من استهلاك اليابان من الطاقة الكهربائية قبل حادثة فوكوشيما.
إن أهم القرارات المتخذة في هذا الجانب وعلى المستوى العالمي، والتي تشغل قطاعات واسعة من مفكري العالم ما كان يدور في ألمانيا وبعض الدول الأوربية منذ أكثر من عام، ولكن الأيام الأخيرة وما جرى في اليابان من مناقشات وقرارات واضحة، خصوصا بعد الاطلاع الكامل على الخسائر الناجمة عن كارثة المفاعل النووي الياباني في فوكوشيما، وقبلها ما جرى بربع قرن في تشرنوبيل الأوكرانية خلال العهدة السوفياتية.
طرحت كارثة المفاعل النووي في فوكوشيما وقبلها تشرنوبيل مسألة استخدام الطاقة النووية على بساط البحث في كل دول العالم والمخاطر التي تنتج عنها حين تتعرض لانفجار كالذي حدث في تشرنوبيل الروسية وفي فوكوشيما ولا تزال تداعياتهما قائمة حتى الآن. لكن النقاش غدا مرتبطاً في شكل وثيقة ذات صلة بالمسألة البيئية وارتفاع حرارة الأرض من جهة أخرى؛ إذ يعتبر مناصرو استخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء بدلاً من الوقود الاحفوري (النفط)، أن الطاقة النووية لا تسهم في الاحتباس الحراري، ولا بتلوث الهواء بالكربون، كما هي الحال بالنسبة إلى الوقود الاحفوري، لكن معارضي استخدام الطاقة النووية يدعون إلى اللجوء إلى ما يسمى بمصادر الطاقة النظيفة كالرياح والشمس والاستغناء عن الطاقة النووية تداركا من احتمالات التلويث الإشعاعي.
تذهب منظمة “غرين بيس” (السلام الأخضر)، التي تعنى بالشؤون البيئة في العالم إلى خيار التخلي عن بناء المفاعلات النووية وغلق الكثير منها ممن تجاوزت أعمارها الافتراضية للتشغيل ، لذا أنشأت صفحة خاصة على الانترنت للتعريف بالكارثة وتداعياتها، ولا تزال تتابع في شكل يومي ما يجرى هناك، فاعتبرت أنه مرة أخرى يتبين  أن الطاقة النووية باتت غير آمنة في حد ذاتها. وتؤكد المنظمة من خلال نشاط خبرائها وأنصارها أن المفاعلات النووية هي مصدر الطاقة القذرة والخطرة، ويجب التخلص تدريجاً من المفاعلات النووية في جميع أنحاء العالم، ووضع حد لبناء مفاعلات نووية جديدة. ينبغي على الحكومات بدلا من ذلك، أن تستثمر موارد الطاقة المتجددة التي ليست فقط سليمة بيئياً، بل بأسعار معقولة وموثوق بها. وتوضح الوثائق والدراسات المنشورة أن الآثار الصحية للإشعاعات تعتمد على كمية المواد المشعة التي تسرّبت من المفاعل، وحتى اللحظة لا توجد معلومات كافية لاستخلاص استنتاجات نهائية في شأن الآثار الصحية في المستقبل. لكن التعرض لكميات كبيرة من الإشعاع يسبب مرض الإشعاع ، ويمكن أن تكون الإصابات قاتلة في وقت قصير؛ نظراً إلى الأضرار التي تلحقها الأشعة بالخلايا والأعضاء. كما ان التعرض لمستويات منخفضة من الإشعاع يؤدي أيضاً إلى سرطانات قاتلة أو أمراض وراثية على المدى الطويل ويسبب طفرات وتشوهات خلقية في الكائنات الحية.
لقد حاولت السلطات اليابانية التكتم على الأحوال في البداية تفاديا لاحتجاجات الرأي العام الياباني لكنها لم تستطع المطاولة في الكذب وإخفاء الحقائق ،  لهذا قامت السلطات اليابانية منذ 25 آذار (مارس) 2011 أي بعد نحو أسبوعين على الزلزال، بإجلاء الناس الذي يعيشون في منطقة قطرها 20 كيلومتراً في محيط محطة الكهرباء، بينما طلبت من الناس الذي يعيشون في محيط 30 كيلومتراً المغادرة طوعاً.
وعن كيفية انتشار الإشعاع، توضح “غرين بيس” أنه في حال وقوع انفجار في محطة نووية يتسبب بالإفراج عن المواد المشعة، فتشكل عموداً من الإشعاع يصل إلى مئة متر علماً أن انتشاره وتوسعه يعتمد على الظروف الجوية، لكنه يبقى في الغلاف الجوي السفلي. وعلى سبيل المثال، فانه في منطقة تشرنوبيل وبسبب النشاط الإشعاعي الطويل الأمد على مستويات عالية، لا تزال هناك مناطق ملوثة تبعد مئات الكيلومترات عن مركز المفاعل. وبالتالي في حال إطلاق الإشعاع في الغلاف الجوي السفلي يؤدي إلى ارتفاع التلوث على الأرض وفي الجو على مستوى الأرض.
 وإذا كانت الرياح تدفع النشاط الإشعاعي نحو المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، فيمكن أن تكون العواقب الطويلة الأجل لمثل هذه الكارثة، أسوأ من تشرنوبيل. وفي ظروف أكثر ملائمة، يمكن الرياح أن تهب وتنقل كمية كبيرة من الإشعاع فوق البحر..
من هنا تعتبر منظمة السلام الأخضر “غرين بيس” أن فكرة أن الحوادث النووية نادرة هي “خرافة”، وان ما تعلمناه من حادثة فوكوشيما هو أن الطاقة النووية غير آمنة في حد ذاتها. وان المفاعلات النووية في جميع أنحاء العالم هي مصدر الطاقة القذرة والخطرة، وسيكون العالم دائماً عرضة للمخاطر عند أي خطأ بشري، وفشل بعض التصاميم في استبعاد احتمال الكوارث الطبيعية إضافة إلى إهمال الصيانة وقلة الاعتمادات المالية لقضايا التطوير والإدامة. ..  وتقلل المنظمة من أهمية الدور الذي تؤديه الطاقة النووية في مكافحة تغير المناخ، معتبرة أن حجم الكهرباء المنتجة بهذه الطاقة يشكل رقماً لا يذكر في مجال مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ لا تتجاوز نسبة الكهرباء المنتجة بالطاقة النووية%16  عالمياً، أي أقل من %6 من إجمالي استهلاك الطاقة، إنتاج الكهرباء لا يتسبب إلا بثلث الغازات المنبعثة والمسببة للاحتباس الحراري.
    وتضيف منظمة السلام الأخضر : حتى لو تضاعفت قدرة إنتاج الكهرباء بالطاقة النووية 4 مرات حتى عام 2050، فستظل حصتها من استهلاك الطاقة في العالم أقل من %10،  وهذا لن يحد من انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون إلا بنسبة تقل عن %4، علماً أن هذا الأمر يتطلب بناء مفاعل جديد كل 10 أيام من الآن وحتى حلول عام 2050، كما أن تكاليف الاستثمار في 1400 مفاعل جديد ستتجاوز 10 تريليونات الدولارات؛ وبالتالي فان السبيل الوحيد للمضي قدماً نحو مستقبل الطاقة النظيفة والتخلص من كل أنواع الوقود الأحفوري والنووي في أقرب وقت ممكن، هو الاستثمار في موارد الطاقة المتجددة، والتي ليست فقط سليمة بيئياً، بل أيضاً بأسعار معقولة وموثوق بها. وأظهرت سلسلة من الدراسات الحديثة أن مسار الطاقة النظيفة أرخص وأكثر صحة وقادرة على تقديم نتائج أسرع للمناخ أكثر من أي خيار آخر.
   في سياق الآثار المترتبة عن كارثة فوكوشيما النووية، تجدد الحديث عن مشكلة النفايات النووية ومعالجتها ودفنها. كشفت السويد أخيراً عن خطة لدفن 12 ألف طن من المخلفات النووية لمفاعلاتها، في حاويات نحاسية مقاومة للتآكل، على عمق 500  متر داخل طبقة صخرية بلورية.
 وقال خبراء في الطاقة الذرية إن من الممكن الاحتفاظ بتلك المخلفات النووية في أعماق نائية عن البشر، لمدة لا تقل عن 100 ألف سنة. وانطلقت هذه الفكرة، التي ما زالت بحاجة إلى موافقة نهائية، من خبراء «الشركة السويدية للوقود النووي ومعالجة النفايات»، وهي عبارة عن تجمّع لعدد من شركات الطاقة الذريّة في السويد. فبعد 3 عقود من البحوث، تعتقد المجموعة السويدية أن بلدة «أوزثامر» الواقعة وسط البلاد، تمثّل المكان الأفضل لدفن المخلفات النووية. وأشار خبراء الشركة إلى أن هذه الطبقة الصخرية تبلغ قرابة بليوني سنة من العمر، ما يجعلها مقبرة مثالية لدفن المخلّفات النووية. ونقلت بعض وسائل الإعلام ترحيب مواطنين في هذه البلدة بالخطة، لأنها قريبة من محطة نووية في فورسمارك.
 والمفارقة أن الدانمارك القريبة من السويد، كانت في صدد إعادة النظر من موقفها السلبي حيال الطاقة الذرية، الذي تكرّس منذ عقد الستينات من القرن الماضي. وحينها، نقلت الدانمارك مفاعلاً نووياً إلى السويد.  وبعد الكارثة اليابانية، خفتت حدّة الأصوات التي كانت تنادي بعودة الدانمارك إلى خيار الطاقة النووية.

 إن قرار التخلي عن إنتاج الطاقة الكهرونووية في ألمانيا واليابان وهما دولتان نوويتان صناعيتان متطورتان في هذا المجال لم يأت بقرار غير مدروس رغم كلفته الاقتصادية الكبيرة في مجال توفير الطاقة عندما ستتوقف تلك المفاعلات الكهرونووية تماما خلال وقت تم تحديده ليس ببعيد. ولكن توقيف المفاعلات النووية هناك لا تعني الركون إلى الكسل لتحقيق أحلام تقرير ” نحو اقتصاد أخضر” الوارد بـ 600 صفحة ضمن برنامج UNEP الموجه إلى الرأي العام العالمي يوصيها كيف أنها باعتمادها أسس الاستدامة في سياساتها الاقتصادية لا تحقق فقط الدعم للتقنيات الجديدة وإنما تحقق أيضا المزيد من النمو الاقتصادي ورفع كفاءة وفعالية الأداء الاقتصادي، علاوة إلى خلق فرص عمل جديدة. إن ألمانيا وفرت مئات الألوف من فرص العمل بفضل الاتجاهات الجديدة في سياسة الطاقة. وفي سياسة التفكير بمسائل الطاقة المستقبلية يرى المدير التنفيذي لبرنامج UNEP آخيم  شتاينر : انه لا يجوز أن ينحصر اهتمامنا بتوفير السعر الأدنى للكيلو واط الساعي من الكهرباء فقط؛ وإنما علينا أن نهتم أيضا بكيفية زيادة فرص العمل بمقدار 10 أو 20 أو حتى %30 من خلال التركيز على مصادر الطاقة المتجددة.
إن إستراتيجية ” الاقتصاد الأخضر” تبنتها دول عديدة بأشكال وصيغ تتناسب مع ظروف وبيئة مل بلد؛ ففي المكسيك ومنذ ثلاث سنوات شرعت الحكومة المكسيكية بإعادة تشجير الغابات، وقدمت الهند أمثلة جادة من خلال الجمع بين الأبعاد الاجتماعية والبيئية ضمن برنامج يسعى إلى ضمان تشغيل اليد العاملة في المناطق الريفية يؤمن العمل للفئات الفقيرة المسحوقة تحت حزام الفقر ولذلك توفر لهم العمل من جهة وتحافظ على  %80  من النظام البيئي والطبيعي. وعلى ذات الحذو سارت كينيا حين أقدمت قبل ثلاث سنوات على إقرار قانون سياسة وطنية وقومية للطاقة، ينصُ على أن تكون أي زيادة في إنتاج الطاقة في البلاد معتمدة على مصادر الطاقة المتجددة بشكل كامل.
يتحدث جيريمي ريفكين في كتابه ” الثورة الصناعية الثالثة” عن إمكانيات قيادة أوربا وألمانيا للعالم في عصر جديد تدشنه طلائع الثورة الصناعية المقبلة. ورغم ظلال أزمة المديونية الحالية التي تهدد بسقوط الوحدة الأوربية إلا أن الألمان يقترحون التوسع في اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، وهذا بدوره يتطلب استثمارات مالية وبشرية هائلة. وهم لا يرون هناك مشكلة في توفير تلك الأموال طالما يتواجد المستثمرون والشركات وصناديق الاستثمار وأصحاب رؤوس الأموال وما يتوفر من فوائض مالية لدى بعض الحكومات الأوربية. ويرى ريفكين إن كثيرا من الأموال تنفق في المكان الخطأ، ويدعو إلى عدم الاستمرار في إنفاق الأموال في البنى التحتية القديمة، وإنما في إنشاء بنى تحتية جديدة. ويفسر ريفكين قوله بأمثلة واضحة بالإشارة مثلا إلى مشاريع تجهيز الأبنية العامة والخاصة بوحدات التدفئة الحديثة خلايا الطاقة الشمسية. إعتماد لمبات وصمامات وتقنيات LED الموفرة للطاقة في إنارة الشوارع والطرقات، أين يمكن للمرء تمويل الاستثمارات من خلال توفير النفقات.
تمتلك أوربا السوق الأكبر والأغنى والأكثر تجانسا في العالم، من خلال انجازها ما يسمى انترنيت الطاقة المتوفر حاليا في أوربا حيث يعيش قرابة 500 مليون في ظل ارتباط شبكة الطاقة ونقلها. وانترنيت الطاقة مبدأ وتطبيق أوربي اعتمد خمسة أُسس: الأول هو إنتاج طاقة نظيفة، اعتمادا على الرياح والشمس وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة، من أجل الاستغناء عن اليورانيوم وطاقة الانشطار النووي في المفاعلات وحتى السعي إلى تقليص الاعتماد على طاقة النفط والفحم مستقبلا. ويجري التراجع المستمر عن بناء المحطات الكبيرة لإنتاج الطاقة، ويجري التفكير بإلغاء المحطات الكهرونووية.
 وتسعى الهندسة المعمارية الجديدة اعتماد تحول كل بناء إلى محطة صغيرة لإنتاج الطاقة. ولما كانت الطاقات المتجددة تعتمد إلى حد ما على تقلبات الطقس فإن التفكير التكنولوجي يكتشف تقانات جديدة للخزن الطاقوي. أما المبدأ الرابع فهو الاهتمام بانجاز ما يسمى شبكة الكهرباء الذكية التي تربط مئات الآلاف من منتجي ومستهلكي الطاقة مع بعضهم البعض وضمان برامج عملية تسهم في تساوي الطلب على الطاقة مع عرضها. انترنيت الطاقة دخل مرحلته التطبيقية في ألمانيا في ثمان مناطق مختلفة. كما ان المبدأ الخامس يسعى الى انتاج السيارات الكهربائية التي ستحد من التلوث وتودع احتراق البنزين وزيت الديزل وحتى الوقود الحيوي والكحولات الى الأبد.
والسؤال الاهم في هذه المقالة  الساعية إلى الإجابة على بعض التساؤلات هو: اذا كان المثل الأوربي والألماني خاصة في مجال الطاقة متجسدا بباقة من الآمال الطاقوية الواضحة الأفكار والتطبيقات ووسائط الإنتاج، وكما وضحناه أعلاه، فلماذا تتصاعد حمى الدعايات الأوربية في مناطقنا العربية محذرة إيانا، صباح مساء، من مستقبل أسود ينتظرنا بعد نفاذ إحتياطيات مخزون الطاقة والأموال المحصلة منها اليوم من صادرات البترول والغاز. ويجري الحديث بشكل مبالع فيه عن قرب تناقض الاحتياطيات البترولية في أغلب البلدان العربية المنتجة للنفط والغاز وتنصح الجهات الأوربية بتقديم وصفة الإنتاج الكهرونووي للطاقة بديلا في البلدان العربية، وكيف تتدافع المؤسسات النووية والشركات الأوربية والأمريكية نحو توقيع العقود مع بعض الدول العربية بقصد بناء مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية خلال السنوات القادمة.
     ظلت فرنسا حتى هذه اللحظة متمسكة بخيار استمرارها إنتاج الطاقة الكهرونووية؛ رغم قلق الرأي العام الفرنسي والأوربي المحيط بها، وربما يكون هذا التشبث مرتبط بدوافع  اقتصادية كبيرة ذات صلة بالتسويق الفرنسي للمعدات النووية الفرنسية الى بلدان أخرى. وقد نقلت وكالات الأنباء إعلان مجموعة نووية فرنسية عملاقة تدعى أريفا : انها تبنى ثلث المفاعلات النووية الجديدة في العالم بحلول عام 2030، وقد صرحت آن لوفرجيون رئيسة مجلس إدارة مجموعة أريفا في كلمة لها أمام لجنة الشؤون الاقتصادية فى الجمعية الوطنية الفرنسية: ( … إن عدد المفاعلات الجديدة التي ستقام فى العالم فى عام 2030 ستكون ما بين ( 100 ـ 300) مفاعلا نوويا)، وقالت لوفيرجيون ( اننا نتطلع إلى أن نكون قادرين على الحصول على ثلث هذا السوق ). وأضافت: ( إن أريفا  تتقدم منافسيها بخمس سنوات  بالجيل الجديد من المفاعلات النووية). وأشارت لوفيرجيون: (…  إلى أن مجموعتها تعتزم بناء مفاعلات الجيل الثالث إى بى آر التى تم تطويرها بالتعاون مع شركة سيمنز الألمانية التى تبلغ طاقتها الإنتاجية 1600 ميجا وات ومفاعلات إتميا التى تم تطويرها مع شركة متسو بيتشى اليابانية بطاقة 1100 ميجا واط) .
ولم تخف لوفيرجيون  أهداف حملة مجموعتها من اجل تمويل ذلك البرنامج الطموح وتعترف (…  بإن أريفا بحاجة ملحة  لزيادة رأس مالها قبل تأكيد الحاجة إلى استثمارات ضخمة لتعزيز شبكات الكهرباء فى العالم) .
وأضافت لوفيرجيون : ( إن شبكات الكهرباء فى أنحاء العالم سوف تتطلب استثمارات تبلغ قيمتها 6 تريليون يورو (ما يقرب من 8.6 تريليون دولار أمريكي) بحلول عام 2030) .وقالت لوفيرجيون: ( انه بمواجهة الطلب المرتفع على الكهرباء من المصادر النووية ستعمل مجموعتها على توظيف المزيد من الأفراد لترفع قاعدة مستخدميها من 65 ألفا الى 100 ألف فيما بين ( 2010 ــ 2011) .
       أمام طموحات المجموعات الدولية الأوربية والشركات العابرة للقارات  تفتح بعض الدول العربية أسواقا لتلك الشركات والمجموعات المصنعة للتقانات النووية، ونقلا عن موقع مفكرة الإسلام:  تكون السعودية قد اختارت إحدى الشركات الأمريكية للاستشارة في مشروع بناء 17 مفاعل نووي بحلول 2030 بتكلفة 100 مليار دولار.
 ونقلا عن صحيفة الشرق وعن مستشار رئيس فريق التعاون العلمي بمدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة عبد الغني مليباري قوله: ( إن المدينة قامت بتعيين شركة الاستشارات العالمية ” أوليفر وايمان ” في اللجنة الاستشارية المكلفة بدراسة تطوير البرنامج  النووي السعودي لانتاج الطاقة الكهربائية). وأستبعد المستشار عبد الغني مليباري ( أن تتخذ السعودية قرارًا لوقف مشروع المفاعل النووي على غرار ما قامت به ألمانيا عقب كارثة فوكوشيما في اليابان).
ونقلت وكالات الأنباء فوز مجموعة شركات من كوريا الجنوبية بعقد صفقة لبناء محطات لتوليد الطاقة النووية في الإمارات العربية المتحدة بكلفة تقارب 40 مليار دولار وذلك وفقا لمصادر صناعية. وتشمل هذه المجموعة شركة الطاقة الكهربائية في كوريا الجنوبية “كيبكو” وهيونداي للهندسة والبناء ومؤسسة سامسونج سي تي كو ودوسان للصناعات الثقيلة، كما تقول هذه المصادر. وسيكون لهذا المشروع، كما يروج أصحابه إذا ما تم إنجازه، ( تداعيات سياسية كبيرة في الشرق الأوسط، إذا سيعزز في البداية موقف الإمارات بين دول الخليج الأخرى ونفوذها في بقية العالم العربي).ولا نعرف ما المقصود هنا بالتداعيات السياسية الكبيرة؟. يذهب البعض الى تفسيرات تصب في الحملات السياسية الجارية في المنطقة بلسان الولايات المتحدة الأمريكية التي يمكن ان تستخدم المشروع ـ الذي أشادت به كنموذج للتطوير السلمي للطاقة النووية ـ نقطة ارتكاز ضد المشروع النووي الإيراني. وتتهم واشنطن طهران بالتخطيط لصنع قنابل نووية، فيما تصر الأخيرة على طبيعة الأغراض السلمية لمشروعها.
والجدير بالذكر هنا أن الإمارات قد أعلنت أنها ستقوم باستيراد اليورانيوم المخصب بدل تصنيعه على أراضيها. وعلى منوال الإمارات أعربت الدول الخليجية الخمسة الأخرى المكونة لمجلس التعاون الخليجي وهي السعودية والكويت والبحرين وقطر وعمان قد عن رغبتها في بناء مفاعلات نووية لتلبية احتياجاتها من الطاقة كي تدع النفط والغاز للتصدير.
كما يذكر هنا أيضاً:  أن قطر هي الوحيدة من بين هذه الدول حاليا التي تملك فائضا في الطاقة الكهربائية إلا أن اقتصادها وإمكانيات الطاقة لديها ليست كبيرة مقارنة بقية دول الخليج الأخرى. وفي منتصف تموز من العام الحالي  أعلن عن موافقة السلطات المسئولة عن قطاع الطاقة النووية في الإمارات على البدء فورا بأعمال إنشاء أول مفاعلين من أصل أربعة تنوي الإمارات بناءها على الساحل الغربي لإمارة أبو ظبي.
 وتخطط الإمارات العربية المتحدة لبناء أربعة مفاعلات نووية بحلول عام 2020 لتلبية الطلب المحلي المتنامي على الطاقة. وسبق وأن أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية أنها اختارت موقعا قرب الحدود مع المملكة العربية السعودية لبناء أول محطة نووية ستدخل حيز الخدمة في غضون سبعة أعوام.
وأوضحت المؤسسة “أنها تقدمت بطلبي ترخيص لاستخراج إذن البدء في الأعمال الأولية للموقع الذي اختارته المؤسسة لإنشاء أولى محطات الطاقة النووية في الدولة بالإضافة الى التقييم البيئي .وأضافت: ( يقع الموقع الذي تفضله مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في منطقة براكة بالمنطقة الغربية في إمارة أبو ظبي على الخليج العربي على بعد نحو 53 كيلومترا جنوب غرب مدينة الرويس).
وينص على أن يقوم فريق الشركة الكورية للطاقة الكهربائية “بتصميم وبناء والمساعدة في تشغيل أربع محطات للطاقة النووية السلمية بقدرة 1400 ميغا واط لكل محطة“.وتصل قيمة أعمال الإنشاء والإطلاق والوقود النووي لأربع محطات تصل الى 75 مليار درهم (20.4 مليار دولار)، وهي تكلفة ثابتة بمعظمها خلال تنفيذ العقد.وستبدأ المحطة الأولى بتوفير الطاقة الكهربائية في 2017، على أن يتم استكمال إنشاء المحطات الثلاث الأخرى بحدود العام 2020.
   يذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي أطلقت مجتمعة في نهاية 2006 برنامجا مشتركا للطاقة النووية السلمية، إلا أن الإمارات سرعت الخطى لتدخل مرحلة إنتاج الطاقة النووية السلمية ولتغطية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة. وتعد الإمارات من أغنى دول العالم بالنفط وهي ثالث منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وتنتج حاليا أكثر من 2.2 مليون برميل من الخام يوميا، كما تعوم على عشر الاحتياطي النفطي العالمي تقريبا.
وقال المدير والرئيس التنفيذي للشركة الكورية للطاقة الكهربائية انغ سو كيم إن التحالف الذي يقوده ملتزم (بتوفير الطاقة الكهربائية إلى دولة الإمارات من خلال استخدام طاقة نووية آمنة وصديقة للبيئة).
وفي المغرب العربي قال وزير الطاقة والمناجم الجزائري السابق شكيب خليل في تصريحات نشرتها الصحف الجزائرية: ( إن الجزائر تريد استخدام الطاقة النووية المدنية في إنتاج الكهرباء عبر استغلال مناجمها من اليورانيوم) . وأوضح شكيب خليل على هامش مؤتمر دولي حول الطاقة في وهران: ( لدينا مناجم يورانيوم، وعلى المدى البعيد نعتزم إنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النووية).
     الجدير بالذكر هنا ان الجزائر تملك مفاعلين نوويين تجريبيين احدهما بقوة 3 ميغا واط، أُقيم بالتعاون مع الأرجنتين قرب الجزائر العاصمة، والثاني قرب الجلفة (270 كم جنوب العاصمة) بقوة 15 ميغا واط، وتم تشييده بالتعاون مع الصين. وتقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بانتظام بمراقبة هذين المفاعلين.

لكن وزير الطاقة والمناجم الجزائري يوسف يوسفي الذي تولى وزارة الطاقة والمناجم بعد شكيب خليل في مارس من  العام الماضي عاد إلى الموضوع وكشف النقاب عن وجود ثلاث مشاكل تواجه بلاده لإقامة أول محطة نووية، وهى تخص أمن المنشاة و مقر أقامتها و مدى توفر الموارد المائية ..مُشيرا إلى أن أقامة المحطة النووية تقتضي كميات هائلة من الماء من اجل ضمان سير محكم لها الأمر الذي يقتضي بناءها قرب البحر. وقال يوسف يوسفي فى كلمة له، لدى تقديمه عرضا حول قطاع الطاقة بالمجلس الشعبي الوطني، البرلمان الجزائري: أن الإشكالية المطروحة أيضا هي أن السواحل الجزائرية تعتبر مناطق ذات نشاط زلزالي و مكتظة بالسكان وفي حالة انجاز هذه المحطة في منطقة بعيدة عن السواحل سيطرح عندئذ مشكل توفر الماء . ورغم ذلك … أكد يوسفي انه ليس لبلاده خيار اخر سوى تطوير الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء على المدى البعيد.. .مشيرا إلى انه يجب على الجزائر الاستعداد لهذا الخيار، حيث أن الدراسات من اجل بناء أول محطة كهربائية تعمل بالطاقة النووية تتطلب ما بين 10 إلى 15 عاما

 وكانت الجزائر قد أعلنت عن إقامة أول محطة نووية عام 2020 على أن يتم بناء محطة جديدة كل خمس سنوات ابتداء من هذا التاريخوأشار الوزير الجزائري في كلمته إلى أن خيار اللجوء للطاقة النووية لإنتاج الكهرباء يمليه الحرص على تقليص الفاتورة الباهظة لإنتاج هذه الطاقة انطلاقا من الطاقات المتجددة … موضحا في هذا السياق أن هذه المحطة في حالة أقامتها سيراعى فيها جميع الشروط الأمنية المرتبطة بالطاقة النوويةوأكد أن الحكومة وحدها سوف تقرر مسألة الاستمرار فى هذا المشروع بعد دراسة هذه المسألة بعمق والمشاكل المتعلقة بها …موضحا فى هذا الصدد أن الجزائر تتوفر على احتياطات كافية لتشغيل محطة نووية بحيث تقدر احتياطات اليورانيوم  بالجزائر بحوالي 29 ألف طن مما يسمح بتشغيل محطتين نوويتين بحجم 1000 ميجا واط لكل واحدة منهما على مدى 60 عاماوأشار إلى أن المحطة النووية بمنطقةعين وسارة ” بولاية الجلفة الواقعة جنوب العاصمة الجزائرية تعد مفاعل بحث سعته 15 ميغا واط،  ولا تشكل أي خطر على المنطقة. وفى ذات السياق ..أوضح الوزير الجزائري في رده على أسئلة أعضاء البرلمان حول المخاوف من خطر تسرب مواد إشعاعية بعد حادث المحطة النووية بفوكوشيما باليابان التي تضررت جراء زلزال 11 مارس من العام الماضي – أن مفاعل “السلام” الموجود بمنطقة ” عين وسارة مزود بنظام تبريد وكذا مفتاح لغلقه في حالة الطوارئ .. مشيرا إلى أن مجموعة من الباحثين الجزائريين تتابع باهتمام ما يجري باليابان من أجل رصد المعطيات حول هذا الحادث النووي.

 اما على صعيد الدول العربية غير النفطية  كالأردن فقد  قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية خالد طوقان : ان المملكة ستختار نهاية العام الحالي العرض الأفضل من بين عرضين فرنسي-ياباني وآخر روسي لبناء أول مفاعل نووي في المملكة. والعرضان مقدمان من قبل اتوم ستروي إكسبورت الروسية وائتلاف شركتي إريفا الفرنسية وميتسوبيشي اليابانية. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن طوقان قوله إن ” الأردن سيقرر نهاية العام الحالي العرض الأفضل لاختيار تكنولوجيا المفاعلات النووية من بين عرضين تأهلا على أساس تنافسي وهما العرض الفرنسي-الياباني والعرض الروسي“. وأكد أن (خيار استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه خيار استراتيجي لطاقة المستقبل في الأردن” الذي يستورد 95% من طاقته. وتوقع طوقان ان تستكمل هيئة الطاقة الذرية مع نهاية العام “دراسات تحديد موقع مناسب لبناء محطة الطاقة النووية من خلال مسح شامل للمملكة لتحديد مواقع مناسبة واختيار أفضلها لإقامة المحطة).
وأعلنت هيئة الطاقة الذرية في 29 نيسان/ابريل  الماضي اختيار عرضي اتوم ستروي إكسبورت الروسية وائتلاف شركتي إريفا الفرنسية وميتسوبيشي اليابانية كأفضل عرضين للتنافس على بناء أول مفاعل نووي في المملكة. و يسعى الأردن إلى إنشاء أول مفاعل نووي للأغراض السلمية خصوصا توليد الكهرباء وتحلية المياه بحلول عام 2019. وقد اقترح موقعا يبعد 47 كلم شمال شرق عمان في منطقة المجدل بالقرب من خربة السمرا لبناء هذا المفاعل.
والمملكة التي تستورد 95% من احتياجاتها من الطاقة، واحدة من افقر عشر دول في العالم بالمياه حيث يتجاوز العجز المائي 500 مليون متر مكعب سنويا بحسب تقديرات المسؤولين.
      وإذا كانت النواهي والاعتراضات التي نسجلها أعلاه في إقتراح تأجيل مشاريع بناء المحطات الكهرونووية فان البديل الذي عنونا من خلاله هذه المقالة يتوفر في كهرباء طاقة يمكن إنتاجها في الأجواء والاراضي العربية ومساحاتها الواسعة الكامنة في الرياح والطاقة الشمسية.
 خلاصة مقالتي ليست أفكار مجردة لفيزيائي عربي يشتغل في مجال الطاقة النووية والاشعاع، وهو ينتمي إلى  بلد نفطي حطمته أطماع الاستعمار الغربي بسبب النفط وتهالك الأطماع الاستعمارية عليه، ويعيش منذ ثلاثة عقود في بلد عربي آخر أضحى وطنه يعيش من واردات النفط والغاز، لكنها مقالتي تشير إلى الحقائق التي يجب أن نتبصر بها ونسعى إلى استثمارها مبكرا تتجسد في حقيقة علمية مؤكدة تقول: لو تم تغطية 0 ,001 (واحد بالألف فقط)  من صحارى الأرض بخلايا شمسية لأدى هذا إلى تغطية حاجة البشرية جمعاء بالطاقة. وما أكثر مساحات الوطن العربي وما أكثر الساعات الساطعة في جميع فصول السنة. تجربة رائدة نشير إليها ومن بلد عربي غير بترولي تأتي بعض الأمثلة الناجعة من محطة الكهرباء للطاقة الشمسية في ورززات التي بلغت استطاعتها 160 ميغا واط ، ومن المقرر أن يجري توسيعها خلال سنتين او ثلاث لتصبح استطاعتها 500 ميغا واط ، وبذلك ستكون هذه المحطة أعظم محطة في العالم لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الحرارية. وحتى سنة 2020 سيصل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في جميع أرجاء المغرب الى 2000 ميغا واط.
وبالنسبة للجانب البيئي فقد استبعدت هذه المحطة الطاقوية الشمسية طرح حوالي ربع مليون طن من ثاني اوكسيد الكاربون، لو كانت تعمل بحرق الوقود الأحفوري، وستزود أكثر من 320000 نسمة بالطاقة الكهربائية، وستسهم في التنمية المحلية في تحقيق مشروع إمكانيات التخزين الملحية التي تستخدم لاول مرة في المغرب وفي المنطقة، وبذلك تولد المحطة الكهرباء حتى بعد غياب الشمس.
المثل الطاقوي القادم من المغرب يعيد علينا أكثر من سؤال عن أهمية استثمار الأموال العربية في هذا المجال، سواء في بلدان المغرب العربي أو مشرقه، في بلد نفطي أو غير نفطي، لأن جميع البلدان العربية تقع ضمن المناطق الجغرافية التي لا تغيب عنها الشمس الا بضع ساعات على أساس لتفاوت ساعات الشروق والغروب في البلدان العربية من المشرق الى المغرب العربي. وما كان هذا المشروع أن ينجز لولا تأمين التمويل له من بلدان أوربية بقيمة 700 مليون يورو قدمتها المفوضية الأوربية وبنك الاستثمار الأوربي وبنك التنمية الفرنسي وبنك التنمية الإفريقي والبنك الدولي. وقدمت المانيا الممثلة في البنك الألماني للإعمار والتنمية الحصة الأكبر بمبلغ 115 مليون يورو.
لقد انطلق انتاج الكهرباء في الجزائر في العام الماضي في منطقة حاسي الرمل في الجنوب الجزائري في أول محطة كهروحرارية تعمل بالغاز وتستفيد من الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء.  وهو مشروع تم انجازه من خلال افتتاح محطة هجينة تجمع بين طاقة الشمس وطاقة الغاز في 15 جويليه 2011،  وهي الأولى من نوعها في العالم، وتسجل يذلك معلما هاما في تجسيد سياسة ترويج الطاقات المتجددة واقتصاد الطاقة المبني على تنويع المصادر. وتعتمد سياسة الاقتصاد في حرق أنواع الوقود الأحفوري، وتطوير نظام طاقوي مستديم تدعمه الطاقة الشمسية المتوافرة بكثرة في الجزائر.إن هذا المشروع المبتدع من حيث حجمه واختيار التكنولوجيا الهجينة الجامعة بين الغاز والشمس تطلب استثمارا بمبلغ 315,8 مليون يورو.ومن بين الأهداف الطموحة للمشروع تصدير الكهرباء إلى أوروبا، إذ تتوقع الشركة الجزائرية للطاقة المتجددة أن يصل الطلب إلى ستة ألاف ميغا واط شمسي بحلول 2020 وهو ما يعادل 10% من احتياجات أوروبا.وهذا بفضل برنامج وصل الكهرباء نحو إسبانيا التي ستكون مدخلا لسوق الكهرباء الأوروبية.
ان استثمار طاقة الرياح والمياه تضاف الى الطاقة الشمسية والكتلة الحيوية في البلدان الأوربية بلغ مستويات متقدمة رائدة ونموذجية في الاستثمارات المستقبلية في مجال الطاقة، ففي ألمانيا  بلغت نسبة إنتاج هذه الطاقات %20 من إجمالي الطاقة الكهربائية وستصل هذه النسبة %35 في حدود عام 2020.
وفي الوطن العربي ستبقى مثل تلك الطاقات من أهم المصادر للطاقة المتجددة ونأخذ مثلا رائدا من مصر التي تضاعف عدد سكانها إلى الضعف خلال الثلاثين سنة الماضية وبلغ تعداد منطقة القاهرة الكبرى 35 مليون نسمة.  ورغم اكتشافات الغاز في صحراء سيناء ومحدودية الاحتياطات البترولية إلا أن الأمل المصري والعربي يتطلع نحو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ فالأراضي المصرية اغلبها صحراوية منبسطة ومشمسة على مدار اليوم والسنة. أما طاقة الرياح التي تنتقل عبر التيارات الهوائية على سواحل البحر الأحمر عند الجانب المصري تقابله هضاب شبه الجزيرة العربية فيمكن استثمارها مستقبلا على نطاق واسع بنصب العنفات الهوائية. ومن المؤمل ان يغطي المشروع خمس احتياجات مصر من الطاقة الكهربائية حتى سنة 2020 ويحتاج الى استثمارات مالية بحدود 340 مليون يورو وخبرات دولية متقدمة في هذا المجال.
 منذ العام الماضي 2011 بدأ تشغيل مزرعة العَنَفات الهوائية المسماة ” زعفرانة” على البحر الاحمر، 700 عَنَفَة موزعة على ثمان مزارع منفردة، أربعة منها  تولد ما مجموعه 550 ميغا واط من الطاقة الكهربائية. وعلى مسافة 200 كم جنوبا في منطقة خليج الزيت تنشأ الآن أكبر مزرعة للعَنَفات الهوائية بنيت في أفريقيا في إطار مشروع للمعونة الدولية على الإطلاق بدعم من بنك الإعمار والتنمية الألماني. وفي بداية 2014 سيبدأ تشغيل المنشأة التي تبلغ استطاعتها 200 ميغا واط.
تؤكد الدراسات حول مشاريع الطاقات المتجددة في شمال إفريقيا: إن القدرات المتوفرة في مصر لتوليد الكهرباء من طاقة الريح هائلة وتستطيع مصر إنتاج أكثر من 20000 ميغا واط من طاقة الريح وحدها، وبذلك سيكون بمقدور مصر تغطية حاجاتها الذاتية وكذلك إمكانية التصدير في يوم من الأيام، خاصة إذا ما استفادت أيضا من الطاقة الشمسية ” فوتو فولتايك” ومن محطات الطاقة الشمسية الحرارية.
في إطار البرنامج الوطني لتنويع مصادر الطاقة المتجددة الذي انخرطت فيه الجزائر منذ أكثـر من 10 سنوات، وتبعا لتعهدات الجزائر بتطوير إنتاج الطاقة المتجددة والنظيفة، تتابع السلطات المحلية لولاية أدرار باهتمام انطـلاق أشغال أول مشروع في مجال الطاقات المتجددة، وذلك بإنشاء حقل لإنتاج الكهرباء عبر طاقة الرياح بقوة 850 ميغا واط بقصر كبرتن على بعد 70 كلم شمال عاصمة الولاية أدرار الذي تتكفل بإنجازه الشركة الفـرنسية سيجلاك
 واعتمد لإنجاز المشروع استثمار إجمالي بقيمة  13مليون و560 ألف أورو، بإنتاج سنوي معدله (850 ميغا واط/ ساعة مباشرة بعد انطلاق استغلاله في نهاية سنة (2012) وسيتم حسب رئيس المشروع 165 مولدا كهربائيا عبر طاقة الرياح على مساحة إجمالية تقدر بـ(50 هكتارا)، وسيتم إنشاء حـوالي (12 محطة) لتوليد الطاقة الكهربائية ذات الضغط المنخفض والضغط المتوسط وسيسمح هذا المشروع حسب والي ولاية أدرار بتوفير أكثـر من 50 منصب عمل لأبنـاء المنطقة المحرومين من فرص التشغيل، من خلال تعهدات الشركة الفرنسية، وقد تم اختيار ولاية أدرار من طرف الشــركة الجزائرية لإنتاج الكهرباء لإقامة المشروع لكون المنطقة تتميز بهبوب رياح طيلة فصول السنة بقوة تتراوح ما بين 05 إلى 09 متر في الثانية وهي سرعة كافية لإدارة المراوح العملاقة للمولدات الكهربائية

أضف تعليق

Information

This entry was posted on 22 سبتمبر 2012 by in غير مصنف.

الابحار