جرائم فرنسا

متابعة مستجدات ملف التفجيرات النووية الفرنسية وتعويض شعب الصحراء

– العالم في خطر

العالم في خطر … (1-2) آخر تحديث:الثلاثاء ,18/05/2010
تقديم: جون غيسنيل – عرض وترجمة: بشير البكر:

1/1

















صدر هذه السنة 2010 كتاب جديد عن “درا غراسيه” الفرنسية بعنوان لافت “العالم في خطر”، يتناول موضوعاً حساساً، لعله من المواضيع المهمة التي تؤرق الكثيرين في الغرب . وهو تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكي عن المخاطر الجديدة في بداية الألفية الجديدة . وقد قدم له الصحافي الفرنسي جون غيسنيل الذي يشتغل مع مجلة “لوبوان” الأسبوعية الفرنسية، ويعتبر من أفضل المختصين الفرنسيين في مواضيع الدفاع والاستخبارات، ومن مؤلفاته كتاب: “أسوأ أصدقاء العالَم”، وهو صادر سنة ،1999 عن العلاقات الملتبسة بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية . تأتي أهمية الكتاب من كونه ظهر في عز الأزمة الغربية الإيرانية، وفي أفق انتظار عقوبات على إيران، قد ينضم إليها الروس . ولعل في الكتاب ما يشير إلى أن الروس قد ينضمون الى الضغوطات الأمريكية على إيران . خصوصاً أن روسيا مدينة لأمريكا في مسألة تأمين منشآتها النووية والبيولوجية، كما أنها تلقت مساعدات أمريكية باذخة . ولعل اللجنة تثني على الموقف الروسي وتطالب البيت الأبيض بشراكة روسية أمريكية . كما أن الكتاب مهم، لأنه أتى بعيد اتفاق واشنطن وموسكو على تقليص ترسانتيهما النووية، وهو ما يعتبر نجاحاً كبيراً في مسلسل تجريد الكرة الأرضية من السلاح النووي .

أمريكا تخشى هجوماً بأسلحة كيماوية وجرثومية

قدّم جون غيسنيل هذا الكتاب بمدخل هام نقرأ ضمنه:

“الإرهاب مسألة حديثة، على مستوى تاريخ العالم . وفي الوقت الذي بدأ فيه الناس يتقاتلون منذ الأزل، فإن الأفعال الإرهابية لن تبدأ إلا خلال القرن التاسع عشر . قنابل وآلات جهنمية استخدمها الفوضويون الروس، قبل أن تصبح طرقهم بشكل مستمر ومعتاد في القرن العشرين . القائمة لا تتوقف عند الفوضويين الروس، إذ إن الإيرلنديين استخدموا هذا السلاح ابتداء من سنة 1919 إضافة إلى الأمريكيين الجنوبيين والفلسطينيين واليسار المتطرف الألماني أو الإيطالي، في سنوات السبعينات من القرن العشرين . وفي ما يخص منظمة “إيتا” الانفصالية الإسبانية تعتبر الإرهاب نمط نضال سياسي مقبول ولا تتحرج من استخدامه” . ولهذا يرى الصحافي الفرنسي أن “تنظيم القاعدة”: “لم يبتكر أي شيء في لجوئه إلى هذه الطريقة، اللهم إلا في نقطتين أساسيتين: الأولى هي البحث عن القتل الجماعي للجمهور . إن التسبب في مقتل العشرات بل المئات بل الآلاف من الضحايا، يبدو لهم وسيلة فعّالة لتحقيق أهدافهم السياسية . ولهذا السبب لم نعد نتحدث عن “إرهاب” بل عن “إرهاب مفرط” . الخاصية الثانية في طرقهم “التجديدية” هي الكوموندوهات الانتحارية” .

ليس معنى هذا أنه لن يكون ثمة لجوء إلى هذا النوع من العمليات، ولكن: “هذا التنظيم رفع هذا النوع من العمليات إلى مصاف سلاح حرب حقيقي” .

ولكن الإرهاب يظل سلاح الضعفاء: “فلا شيء أكثر بساطة من ضرب حشد غير متيقظ وليست له وسائل دفاع، وهذا “الهدف الرخو” هو أكثر ضعفاً بسبب ابتعاده الكبير عن كل اهتمام أمني . كما كانت عليه مدينة نيويورك سنة 2001 والسفارات الأمريكية في دار السلام ونيروبي سنة ،1998 من بين أمثلة أخرى” .

لهذا فالمهمة الوحيدة للمنظمات التي تمارس هذا النوع من الأعمال تتمثل في العثور على هدف غير محمي وذي قيمة رمزية عالية، وإن كان ممكناً من خلال استخدام وسائل لم يفكر أحدٌ من قبل في اتقائها . وبهذا الصدد فإن “تنظيم القاعدة”، الذي تتمتع خلاياه باستقلالية واسعة، تطبق تعليمات قيادة مجتمعة من حول زعيمه أسامة بن لادن، أثبت أنه يمتلك خيالاً جامحاً وأيضاً قدرة على الابتكار المستمر . لنتذكر أن هذه المنظمة كانت السباقة في استخدام قوارب هجومية (كما وقع في عدن ضد المدمرة الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول 2000 وضد حاملة النفط الفرنسية في أكتوبر 2002)، وأيضاً الهجمات المتزامنة في إسبانيا ( . . .) كما أن منفذي تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001 ضد برجي التجارة في نيويورك والبنتاغون، تم اللجوء فيها لأول مرة إلى طائرات مستخدمة كصواريخ .

والغرابة، والأصالة أيضاً، كما يرى جان غيسنيل تتجلى في أن “ابتكار هؤلاء الإرهابيين حيّر قسماً مهماً من الرأي العام الدولي الذي لم يكن يخطر في باله أن قراصنة جو منحدرين من الشرق الأوسط بإمكانهم تحويل مسار طائرات تحمل كل هذا الكم المفرط من التكنولوجيا، ووجد نفسه تحت إغواء نظريات المؤامرة التي تطورت بعد ذلك” .

المنظمات والأسلحة النووية

لكن ما الذي تفعله أجهزة الاستخبارات؟

هنا يستحضر الصحافي ما كتبه سابقاً، في كتابه “القلعة النائمة” والصادر عن “دار فايار” الفرنسية سنة 2002 .

“بسبب غياب انفتاح العقل حول تطورات العالَم، وبسبب غياب تقمص وجداني ثقافي مع سكان أجانب يعيشون خلف البحار أو على أراضيهم، وجدت الاستخبارات الأمريكية نفسها عاجزة عن تأمين هذه المهمة الضرورية لخدمة مواطنيها: الاستباق”، ويقول “منذ سنوات عديدة غيرت المبادرة الإرهابية الكبرى لأسامة بن لادن وأتباعه الاستراتيجيا العالمية . يليق التأكيد أن الرد غير المناسب للرئيس بوش الابن ساهم، بشكل كبير، في مضاعفة نتائج 11 سبتمبر/أيلول 2001 . وعلى الرغم من أن هذه الأحداث تشكل في آن صعوداً للإرهاب إلى الأقاصي ومخاطرة تاريخية ذات حجم كبير واختراقاً استراتيجياً كبيراً، فإنه يتوجب ألا ننسى أبداً بعض المعطيات المرقمة: إن رقم 2993 قتيلاً هو أقلّ، أربع مرات، من عدد قتلى السلاح الناري في الولايات المتحدة 12000 قتيل، أكثر من ثلاثين كل يوم، مذبحة أبدية، لا تقاس مع التأثيرات الجسدية لتفجيرات 11 سبتمبر . . .” .

ويضيف “لكن لنعد إلى أسامة بن لادن وإلى تهديداته الجديدة . الاستراتيجيون يحبون استخدام مصطلح “الصاعدة” التي يتأهب إرهابيو 11 سبتمبر تنفيذها . ورداً على تفجيرات 11 سبتمبر قررت الإدارة الأمريكية إقامة لجنة للوقاية من انتشار أسلحة الدمار الشامل، وكانت هذه اللجنة من الحزبين الكبيرين الأمريكيين . وبالفعل أنجزت هذه اللجنة التي ضمت أعضاء جديين، عملاً مهماً وتقييمات عن التهديد المحتمل . لكن هل يجب أن نصدقهم حين يتنبؤون بأنه “من الراجح أن يتم استخدام سلاح دمار شامل لغايات إرهابية في مكان ما في العالم قبل نهاية سنة 2013” . يعلق الصحافي: “الأمر ممكن، ولكن ليس مؤكداً . . .” .

ويستطرد الكاتب “كثير من المبالغات والتنبؤات نسمعها من وسائل الإعلام ومن القادة الغربيين عن سقوط أسلحة نووية و/أو جرثومية وبيولوجية في أيدي مجموعات إرهابية منذ نهاية الحرب الباردة، وقد مر الآن ربع قرن على ذلك، ولكن الوقائع كذبت التكهنات إلى حد الساعة” .

المشكل، بطبيعة الحال، هو أن عدم مصادفة حدث جنوني ليس مستحيلاً، كلية . “ومن أجل تجنب هذه الظاهرة، تحديداً، التزمت الولايات المتحدة بالمساعدة على الحفاظ على المواد النووية السوفييتية، وخصوصاً ما يتعلق بتمويل عودة أسلحة نووية مبعثرة في جمهوريات الإمبراطورية السوفييتية السابقة إلى روسيا . وقد ساهم غراهام أليسون، وهو أحد أعضاء اللجنة، في عودة 12 ألف سلاح نووي تكتيكي كان مبعثراً في الجمهوريات السوفييتية السابقة إلى روسيا، وفي تدمير 4000 سلاح نووي استراتيجي كانت موجهة إلى الولايات المتحدة، وكانت منصوبة في أوكرانيا وكازاخستان وروسيا البيضاء .

وعن الحالة النووية الإسلامية، يكتب: “وبنفس الطريقة تم اتخاذ إجراءات في ما يخص الحالة التي لا يمكن استثناؤها للأسف، حيث القوة النووية الإسلامية، باكستان، التي توجد، في نظر مؤلفي التقرير، “في تقاطع النووي والإرهابي “يمكن أن تنقلب إلى المعسكر الأصولي” . لكن الأمر ليس كارثياً ولا خارجاً عن السيطرة: “إن عدم استقرار وهشاشة هذا البلد لا تعنيان أن الخطر داهمٌ” .

لا يصدق الكاتب بعض الادعاءات التي ترى إمكانية ل”تنظيم القاعدة” في حيازة السلاح النووي، ولكنه يمتلك بعض الشكوك في المثال الإيراني منذ نهاية الحرب الكونية الثانية التي شهدت تفجيرين نوويين أسفرا عن مقتل 105000 شخص، أصبح التوازن النووي عاملاً في عدم استخدامها . إنه عامل الردع الذي يسود، مثلاً، بين الهند وباكستان، بعد أن اشتغل جيداً في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي . ( . . .) وبعيداً عن خطاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد المستفز، فإن إيران تطمح إلى سياسة الردع . إن امتلاك السلاح النووي لن يتيح لها، بالتأكيد، أن تستخدمه، إلا إذا كانت تريد هلاك نفسها في الدقائق التي تلي استعماله . وهو ما أطلق عليه أحيانا اسم: “الوظيفة المساواتية للذرة” .

ولكن فلسفة الردع لا تكون عملياتية بشكل دائم: فالردع الذي يتمثل الهدف منه في “حماية “المصالح الحيوية” للبلدان التي تمتلك السلاح النووي، لا قيمة له لدى من لا يحبون الدخول في اللعبة . . . “فالترسانة النووية الأمريكية لم تمنع بن لادن من تدمير برجي نيويورك . وإن كان من الممكن القول إن تفجيرات سنة 2001 لم تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية” .

يمكن أن نقبل هذا الرأي، ولكن من يرى حجم الطاقة التي نفذها الرئيس جورج بوش الابن للرد على تفجيرات 11 سبتمبر عبر حربين، الأولى في أفغانستان والثانية في العراق . إضافة إلى حرب ثالثة عالمية وشاملة (الحرب الشاملة على الإرهاب)، يمكنا أن نقيس أنه فيما يخص الرئيس بوش فإن عملية من هذا القبيل تستحق رداً شاملاً وغير متناسب .

الإرهاب الجرثومي

ويقول الكاتب “إذا كان استخدام المنظمات الإرهابية، ومن بينها تنظيم القاعدة، للسلاح النووي، من الناحية التقنية، غير ممكن، على الأقل في الوقت الراهن، فإنه يمكن أن يغويها استخدام سلاح آخر: الإرهاب الجرثومي” .

وعلى الرغم من الهجمات الصغيرة التي تحدث هنا وهناك، في الولايات المتحدة وفي اليابان وغيرهما، فإنها ستظلّ محدودة جداً وهي تنبثق من إرهاب محلي، ومن السهولة التصدي لها خلافاً للإرهاب القادم من جبال أفغانستان أو باكستان . “لكن الخطر في العمليات الإرهابية، على الرغم من طابعها التدميري الضعيف والمحدود، كما يشير التقرير، فهي “تهدد بإطلاق موجة ضخمة من الرعب ومن الفوضى الاجتماعية” .

إن الكابوس الذي يؤرق الغربيين يتمثل في فيروس الجُدَري، وهو مرض تم استئصاله من الكرة الأرضية منذ أكثر من عشرين سنة، ولكن مختبرين اثنين فقط في الولايات المتحدة وروسيا، لا يزالان يحتفظان بأصول حية . وإذا ما وضع إرهابيون يَدَهُم عليها، فإن أول هجوم بيو-إرهابي كبير الحجم، تم تنفيذه بالانتراكس، سيتم اعتباره مجرد عمل تمريني .

يتيح هذا الكتاب التأمل حول وضعية استراتيجية تتطور باستمرار . والمؤشرات تدل على أنها حمراء . “فالحرب التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ضد الطالبان لم تنته بعد وهي في سنتها الثامنة . . . حرب العراق تأخذ مظهر إفلاس كامل، بعد أن تم التأكد من أن نوايا الرئيس بوش الابن ليس لديها أدنى حظ في التحقق . هذه الحرب التي أطلقها، بناء على فكرة كاذبة، أي وجود أسلحة دمار شامل على التراب العراقي، لم تحقق إلا هدفاً واحداً، وهو التصفية الجسدية للرئيس صدام حسين وجماعته” .

أما الباقي فهو فشل ذريع . سبع سنوات وعشرات الآلاف من القتلى، والحكومة العراقية الحالية ليست سوى صورة (سومولاكر) عن الديمقراطية، وتقسيم البلد إلى ثلاثة كيانات (سنية وشيعية وكردية)، وهو أمر واقع من الناحية العملية، بل الأسوأ هو أن قسماً كبيراً من العالم العربي الإسلامي مقتنع أن الغرب الظالم لم يحمل له إلا المآسي والإهانات والفوضى والموت .

وإذا ما أضفنا إلى هذا الواقع المتفجر الوضعية الضاغطة للحالة الفلسطينية “الإسرائيلية”، فإننا نفهم أنه لم يحن الوقت بعد الذي نرى فيه نقص الشباب والشابات اليائسين واليائسات، القابلين والقابلات للانفجار بأحزمتهم وأحزمتهن الناسفة .

التحدي الإرهابي أصبح واقعاً، كما يقول الصحافي الفرنسي جون غيسنيل، مقدم الكتاب، ومن هنا فإن مؤلفي “عالم في خطر”، ليسوا في حاجة لإقناع الرئيس بوش ولا الرئيس أوباما . ولكن اللجنة ترى أن اشتداد الإرهاب عن طريق استخدام مواد نووية محتملٌ، كما أنها تقدّر أن الإرهاب الجرثومي، السهل المنال، من الناحية التقنية، يمكن أن ينتشر على الكرة الأرضية .

“إن مسار التاريخ تغير بعد تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول ،2001 وربما لم ينته . فالخيال الإرهابي لا يمكن إيقاف تقدمه، وسينتج فوضى أخرى . وطموح هذا التقرير هو تهيئتنا لهذه الأشياء” .

المصادفة الغريبة

حين بدأت اللجنة، التي منحها الكونجرس الأمريكي صلاحية الاشتغال على هذا الموضوع الخطير، وكانت تستعد لزيارة بلد خطير ومهدد: باكستان . “في العشرين من شهر سبتمبر/أيلول ،2008 وكنا في مطار الكويت، مروراً في الطريق إلى إسلام أباد، حيث كان من المفروض أن ننزل في فندق ماريوت، حين طفقت هواتفنا النقالة ترن: ماريوت إسلام أباد هدمه تفجير” .

يقول التقرير: “وقد ركزت اللجنة عملها على نوعين من سلاح الدمار الشامل: السلاح النووي والجرثومي، هما يمثلان، الآن، أكبر الخطر . وكلما انتشرت هذه الأسلحة ازداد خطر استخدامها لأغراض إرهابية، وهذا من أجل سببين: السبب الأول لأن الأمر يجر ازدياد عدد الدول القمينة إما باستخدام هذه الأسلحة، وإما بنقل مكوناتها، وأيضاً التكنولوجيا إلى من يمكنه استخدامها ضدنا “الولايات المتحدة الأمريكية” . إلا أن هذا الانتشار يتأبد بطريقة سريعة سرعة الجائحة، فالدول التي كانت قد عملت على امتلاك السلاح النووي تنبّأت فجأة بأنه من الأفضل لها التسلح به كي تواجه جيرانها الذين يمتلكون مثل هذه الأسلحة . السبب الثاني هو أن الانتشار يقتضي أنه أصبح، أكثر فأكثر، من الصعب وضع هذه الأسلحة في منأى عن طمع الإرهابيين أو أطراف أخرى مصممة على بيعها لمعتدين محتملين” .

“الإرهابيون”، كما يقول التقرير، مصممون على مهاجمة الولايات المتحدة، من جديد، وبواسطة أسلحة دمار شامل إن استطاعوا . وحسب بعض المصادر فإن أسامة بن لادن كان قد أعلن أن امتلاك هذه الأسلحة يعتبر “واجباً دينياً” وبأن له طموحاً في ارتكاب “هيروشيما” جديدة” .

وتعترف هذه اللجنة أنه سبقتها لجنتان: لجنة التحقيق حول أنشطة الاستخبارات قبل وبعد الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر/أيلول ،2001 واللجنة الوطنية حول الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة (المسماة لجنة 11 سبتمبر/أيلول) .

لماذا التقرير؟

“إن تقريريهما يفسران للشعب الأمريكي كيف ولماذا استطاعت الحكومة الأمريكية تجاهل إرهابيين، مرتكزين في أفغانستان، من أجل ارتكاب تفجيرات ذات طابع غير معتاد، مستخدمة كسلاح طائرات مدنية، قادرة على التسبب في آلاف الضحايا” .

وما الذي يميز اللجنة الجديدة عن سابقتيها”

“مهمتنا مختلفة، يتعلق الأمر، بالنسبة لنا، بدراسة التهديدات التي يمثلها انتشار أسلحة الدمار الشامل على الولايات المتحدة في عالم تعرض لتحولات حاسمة من طرف قوة العولمة” .

ويريد هذا التقرير، كما نقرأ، تقديم صورة حقيقية للشعب الأمريكي . وربما هنا، إقرار بأن التقارير السابقة لم تكن تخبر الأمريكيين بواقع الأحداث . “إحدى مقولات هذا التقرير هي أن “نعرض أمام الشعب الأمريكي، بكل شرف وبشكل مباشر ما أمكن، التهديد الذي يجب على بلادنا مواجهته إذا ما وضع الإرهابيون يدهم على أسلحة الدمار الشامل . نقدم توصيات ونقترح بعض المقترحات التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة، بطريقة أحادية الجانب، ولكن أيضاً بتنسيق مع المجتمع الدولي، من أجل جعل وطننا والعالمَ أكثر أمناً”، ويضيف كاتبو التقرير: “وإذا كانت هذه التوصيات تتوجه، في المقام الأول، إلى الرئيس وإلى الكونجرس، فإننا لا نحطّ من دور المواطن” .

يريد التقرير إطلاع المواطنين الأمريكيين ومنحهم وسائل الفعل . وينادي التقرير إلى رباط متجدد ومفتوح وشريف بين الحكومة والمواطنين من أجل الدفاع عن الوطن، في إطار تقاسم المعلومة وتطوير الأعمال العمومية المنسقة إزاء الهجمات الإرهابية المحتملة .

يعترف التقرير ب”الوقع النفسي الرهيب الذي تتسبب فيه العمليات الإرهابية” ( . . .) عند كل حياة بريئة تم إزهاقها يجب إضافة آلاف من حيوات أخرى: حيوات من تَوَاجَد لحظة الاعتداء وتحولت هي الأخرى إلى ضحايا بريئة” .

هدف اللجنة وأمَلُها، كما يكشف عن ذلك التقرير، هو التصريح بحقيقة الأمور: “إننا نعرف إلى أي تهديد نحن مُعرَّضون . إننا نعرف أن هامش أمننا لا يتسع بل على العكس يتقلص دونما انقطاع” .

والجدة، هذه المرة، تتمثل في أنه: “ليس لدينا الحق، اليوم، في ترك الانقسامات السياسية الداخلية أو المنافسات الدولية تمنعنا أو تبطئ التنفيذ الضروري لأعمالنا . نحتاج إلى الاتحاد، على كل المستويات: في حضن الأمة الأمريكية وعلى الأرض وبين شعوب العالم بأسره . لا يزال أمامنا وقتٌ كي ندافع عن أنفسنا، إذا تحركنا بالاستعجال الذي ترغمنا عليه طبيعة التهديد . إن إسماع هذا النداء للعمل المستعجل، هو غاية هذا التقرير” .

يطلق التقرير في البدء تحذيراً كبيراً إلى المجتمع الدولي . “إننا نعتقد أنه من الراجح أن سلاحاً من أسلحة الدمار الشامل يمكن أن يستخدمه الإرهابيون” في مكان ما من العالم قبل سنة ،2013 اللهمّ إلا إذا تحرك المجتمع الدولي بسرعة”، ولكن التقرير سرعان ما يفسر طبيعة التهديد الإرهابي: “نعتقد أن الإرهابيين سيحصلون، من دون شك، على سلاح جرثومي، أسهل من حصولهم على سلاح نووي” .

تبذل الولايات المتحدة مجهودات جبارة، إن على المستوى الاستخباراتي أو المالي من أجل مواجهة الخطر النووي . “منذ نهاية الحرب الباردة أنفقت الولايات المتحدة الأمريكية عدة مليارات من الدولارات من أجل تأمين الأسلحة والمواد والتكنولوجيا النووية في روسيا وفي الجمهوريات السوفييتية السابقة . . . ولكن في هذه الفترة أيضاً رأى العالَم شكلا جديدا من الانتشار: فكوريا الشمالية قامت بتجربة نووية . في حين أن إيران حصلت بسرعة على التقنية الضرورية لصناعة الأسلحة النووية”، ولكن التقرير، في ما يخص المثال الإيراني يعتمد على تسريبات العالم النووي الباكستاني عبد القادر خان، مع كل ما يمكن أن يشوب اعترافاته من مبالغات وتلفيقات .

من هم أعداء الولايات المتحدة الحاليون؟

يستشهد التقرير بما كتبته لجنة التحقيق الوطنية للاستخبارات حول حركات الإرهاب الدولي: “إن النشطاء الذين يعبرون عن أنفسهم بكونهم جهاديين، على الرغم من وجود نسبة صغيرة من المسلمين من بينهم، في ازدياد، إن على الصعيد العددي أو على صعيد التنوع الجغرافي . ( . . .) وإذا تأكد هذا النزوع فإن التهديدات التي تستهدف مصالح الولايات المتحدة على التراب الأمريكي أو في الخارج، ستصبح متنوعة وستسفر عن هجمات كبيرة ومتصاعدة من دون انقطاع في العالم . ومنذ 11 سبتمبر/أيلول ،2001 تضاعف عدد المجموعات المرتبطة بالقاعدة أو التي تسير على نهج هذا التنظيم الذي يشكل التهديد الرئيسي للولايات المتحدة والذي كان خلف تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول” .

ويرى التقرير أن ثمة تقصيراً من الإدارة الأمريكية، على الرغم من التطور الحاصل، في الرد على الخطر الإرهابي . “إذا كان قد حصل تقدم في السياسة والاستراتيجيا الأمريكيتين فإنهما لم تتبعا الإيقاع الحاد للتهديد . وفي ما يخص الحرب على الإرهاب ابتكرت حكومتنا وقامت بتنفيذ مبادرات جديدة مذ 11 سبتمبر، ولكنها حصرتْ عملها في برامج وعمليات دفاعية واستخبارات وأمن داخلي”، وينصح التقرير إدارة أوباما: “يجب على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تذهب بعيداً، وأن تستخدم الأسلحة الدبلوماسية للتحدث بطريقة فعالة عن النوايا الأمريكية، وتشييد مؤسسات اجتماعية واقتصادية متجذرة في المجتمع تردع التطرف وتضع كابحاً أمام الإرهابيين في كل المناطق الحساسة، وبشكل خاص، في باكستان” .

أضف تعليق

Information

This entry was posted on 17 ماي 2010 by in غير مصنف.

الابحار